قبل رمضان المبارك قام عدد من الناشطين في مجال الإعلام الجديد بمصر بعملية احصائية للمبالغ المالية التي تم صرفها للمسلسلات المصرية التي تعرض خلال هذا الشهر، ووصلت مبالغ الصرف إلى اكثر من مليار ونصف المليار جنيه مصري، واستغل البعض من المشغوفين بالثورة من الاخوان هذا الرقم الفلكي ونادوا بأن تصرف هذه الاموال للجمعيات الخيرية بدلا من صرفها على الممثلين والممثلات مع تحفظي على الاوصاف والشتائم التي كيلت لهم!.
في الخليج سبقناهم بهذه المناداة من البعض ولكن ليس بأسلوب ثورة ميدان التحرير، كان العديد عندنا في السعودية من العقلاء يطالب بصرف المخصصات المالية لبرامج ومسلسلات رمضان خصوصا بصورة احترافية وان تستغل هذه الاموال الكبيرة في صنع دراما سعودية حقيقية وذات مستوى عال، بدلا من التخبطات في كل عام، ولكن هذه الاحلام اصطدمت بواقع محزن، القاعدة المهنية في الاعلام التلفزيوني خصوصاً مفقودة، نظرية هلال ونصر وأهلي واتحاد تم تطبيقها بحذافيرها، كان القصبي السدحان وعامر الحمود، ومنذ سنتين تقريباً فايز المالكي وحسن عسيري، والنتيجة اننا ندون ونراوح في مكاننا، الامر هنا ليس الحديث عن عمل جيد او عكسه فقط، وانما عن صناعة هامة، لا يعرف حقيقتها وسرها الا القلة ومستفيدين منها دون منافسة وباحتكار اذا صدقنا الوصف.
مئات الملايين تصرف من المعلنيين للتلفزيونات من اجل تواجدهم في عمل يحظى باحترام وشعبية، وانعكاس ذلك على منتجهم، القنوات الخليجية والخاصة فتحت قنواتها للسعوديين لعمل تجارب وورش لكي يصطادوا عملاً شهيراً مثل “طاش ما طاش” الله يذكره بالخير ويرحمه، تهريج وتنطيط وتسخيف وصياح ونياح وطيارات خاصة وممثلات جميلات وتشويه بالوجيه والنتيجة للاسف حتى الآن لم ينجح احد!.
نحن الآن نعيش طفرة درامية، لا اتحدث عن جودتها او ضعفها، وانما هناك كم هائل من الاعمال السعودية والممثلين السعوديين، كيف تتم الاستفادة منهم، كيف سيكون مصيرهم اذا توقفت على سبيل المثال قناة دبي عن الاعمال السعودية كما فعلت هذا العام قناة ال MBC، هل سيعرضون اعمالهم على قناة المنار مثلاً؟.
المعلن من السعودية والاعمال السعودية جودتها خصوصاً هذا العام أفضل من مثيلاتها الخليجية وخصوصاً الكويتية التي صدمتنا كمشاهدين وأيضاً صدمت ال MBC التي راهنت عليها وأثبتت أنها دراما أكثر من تقليدية وغير قابلة للتطور، والمشاهد السعودي هو الابرز في ظل محدودية وسائل الترفيه لديه والتي تتصدرها الشاشات، مما جعل ميساء مغربي وصديقاتها نجوماً فوق العادة رغم انهن كن قبل سنوات مجرد كومبارس مع عامر الحمود والآخرين!.
وزارة الثقافة والإعلام مسؤولة عن مستقبل الصناعة الدرامية بالمملكة، لأن الدراما في أحيان كثيرة وسيلة تثقيف وتوعية وتسلية، دور هذه الوزارة لا يقتصر على مجرد التعميدات المالية لبعض الأسماء، ودورها لا يقتصر على وجود رقيب يشوه اعمال تم شراؤها بالملايين ولا ينتبه لها إلا ليلة العرض، رغم أنه بإمكانه تحسينها وتفاديها مع المؤسسات المنتجة لهذه الأعمال، أملنا كبير في هيئة الإذاعة والتلفزيون لتحقيق جزء على الأقل من أحلامنا في هذا المجال، فهل تتحقق الأحلام أم تسير الأمور كما اعتدنا .
محمد الرشيدي
صحيفة الرياض السعودية الإلكترونية