يعمل الكثير من شركات الإنتاج الفني على قدم وساق من أجل الانتهاء من تصوير مسلسلات شهر رمضان المبارك لعام 2023م .
بدايةً، لست ضد الدراما بشكلها المطلق بل إنني أطالب بدعمها إلا أنني لا أحبذ تكدسها وتزاحمها وتنافسها في شهر رمضان المبارك، وهي تغطي ساعات البث لمجموعة كبيرة من القنوات الفضائية العربية بل إنه باتت في كل دولة أكثر من قناة تلفزيونية خاصة، ناهيك عن التلفزيون الرسمي ومنها الكويت .
ومن هنا،أوجه رسالتي إلى القائمين على تلفزيون الكويت الرسمي بدءاً لمعالي وزير الإعلام، مروراً بالوكيل والوكلاء المساعدين، وانتهاء بمدراء الإدارات المختلفة من أجل ماهية المسلسلات الرمضانية التي يتم اعتمادها كي يتم بثها في تلفزيون الكويت، ورسالتي هي أنه يجب عليكم الاجتهاد من أجل سمعة تلفزيون الكويت ثقافياً وفنياً، والسبب هو مستوى الجودة، والكارثة هي أن القضايا التي يتم طرحها في الدراما إما تكون غير حقيقية أو أن تكون نادرة الحدوث أو شاذة لا تتكرر إلا في حالات نادرة جداً، ويتم تداولها عبر الدراما وكأنها واقع نعيشه بشكل شبه يومي وهذا كلام غير صحيح وغير عادل وغير منطقي، كما أنه يعمل على تشويه صورة المجتمع الكويتي الذي يفتخر بالدين الاسلامي والعادات والتقاليد العربية، إضافة إلى بعض الخصوصية للإنسان الكويتي .
وتعاني الدراما من أزمة نص حقيقي فهناك مسلسلات عربية أو اجنبية يتم تكويتها، وكم أشعر بالغضب عندما ألتقي ببعض الإخوة في دول مجلس التعاون الخليجي أو مع بعض الإخوة العرب ويسألونني عن بعض المسلسلات الهجينة التي لا تنتمي بمضمونها إلى مجتمعنا الحقيقي .
بالطبع، لا يمكن القول إن مجتمعنا الصغير هو مجتمع أفلاطوني ومثالي، لكن في الوقت ذاته لا يمكن لصق بعض الصفات السلبية وهي غير منتشرة في الكويت، وهناك عدم إجادة نطق المفردات المميزة للهجة الكويتية، علماً بأن في الكويت لهجات عدة ناهيك عن ارتداء بعض الممثلات لأزياء خادشة للأخلاق والحياء، ويتسابقن أيضاً في الاستعراض بحثاً عن المتابعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي .
ولعل البعض من المنتجين والمؤلفين والمخرجين يشكو من الرقابة إلا أن ذلك ليس عذراً إذ إن المبدع الكويتي قادر على تمرير الرسالة التي يريد إرسالها مثلما هو الوضع في مسلسل الفنان الراحل عبدالحسين عبدالرضا، في مسلسلي «زمان الاسكافي وديوان السبيل» وهناك مسلسل من بطولة غانم الصالح يحمل اسم «الغرباء»، وتلك المسلسلات للذكر وليس الحصر .
نعم، أعلم أن بعض القضايا لا يمكن تناولها عبر الدراما في تلفزيون الكويت، إلا أن المبدع الكويتي خلال الدراما لن يجد من يعارض طرح القيم الانسانية والاجتماعية التي من شأنها أن تعمل على تقوية الوحدة الوطنية بين مختلف تكوينات نسيج المجتمع الكويتي، خصوصاً أن هناك الكثير من القصص الحقيقية بين المواطنين أنفسهم وبين المواطنين والإخوة ضيوفنا الذين يشاركوننا العيش في الكويت الحبيبة .
ومتى ما وجد المنتج لتلك الأعمال الفنية عدم قبول إنتاجه بسبب المحتوى فإنه سيكون الأكثر جدية في تقديم ما يتلاءم مع الدين والعادات والتقاليد والقيم الأخلاقية في الكويت، والرسالة هي إن لم يكن هناك أي مسلسل يحمل مواصفات وضعها تلفزيون الكويت فلتكن هناك جرأة وشجاعة في اتخاذ قرار بعدم بث أي مسلسل درامي خلال شهر رمضان المبارك، مثلما يتم القرار من قِبل اللجنة العليا بحجب بعض جوائز الدولة، ولسوف يفرح الكثير من الناس لأننا بتنا نشتم أنفسنا عبر أموالنا التي نشتري بها تلك المسلسلات .
وكم تمنيت تخصيص ساعة ثابتة لبث المسلسلات الكويتية والخليجية والعربية التي تم شراؤها وفي مقدمتها مسلسل كويتي يحمل اسم «العادلون: ضيعة أم سالم» للمخرج المبدع عبدالرحمن الشايجي، ومسلسل «درب الزلق»، ومسلسل «فايز التوش» بطولة الفنان غانم السليطي، و«الشهد والدموع وليالي الحلمية» وغيرها من الأعمال الدرامية، ولا ننسى الأعمال التاريخية التي باللغة العربية الفصحى. همسة: إنتاج مسلسل تلفزيوني واحد جيد كل خمس سنوات أفضل من انتاج خمسة مسلسلات سيئة في سنة واحدة .
مقال | د. عادل فهد المشعل