يحاول الإعلام القطري تصحيح واحدة من أخطائه والتعافي من أزمة كبيرة وقع فيها بعد الضربة التي تلقتها قناة الأطفال «الجزيرة للأطفال»، وتراجعها الملحوظ في السنوات الأخيرة وسقوطها في حفرة الاستخفاف بالعقول العربية والأسرة العربية، وبعد أن تضاءلت وصارت نسخة مشوّهة عن «أم بي سي 3» وقناة «ديزني العربية» وغيرهما .
خبر انضمام «قناة الجزيرة للأطفال» الى الشبكة الأم أتى متأخراً، وذلك بعد سنتين من التدهور الملحوظ في مستوى القناة وتراجعها الى درجة تحولها الى قناة أزياء وطبخ وطلاء أظافر… وقناة تعيد برامج الأطفال التي نراها على القنوات الاخرى، وبعد تحولها الى اسم جديد هو «جيم تي في» يختصر بحرف «ج» أعلى الشاشة، تقليداً ربما لرقم 3 على شاشة «أم بي سي» ، ما ينقلب على مبدأ القناة الأول وهو اللغة العربية وإقحام «تي في» في صدارة هويتها الجديدة، وكأن هناك ندماً على الهوية العربية، ولم نعرف ما معنى هذا الاسم، هل هو جيم جواب؟ فأي جواب عن اي سؤال تقدم هذه القناة، هل يمكنها ان تجيبنا عن سبب فشلها؟ عن سبب تدهور تلك التي كانت القناة التعليمية الأولى في العالم العربي؟ وهل هي الحرف الأول من جزيرة؟ فأين بقية الجزيرة؟ لماذا اختصرت هذا الاسم العريق والرائد الى حرف واحد؟
لا شيء يدلّ على ان لهذه القناة استراتيجية واضحة ومفهومة وهدفاً، ويدل على انها تعرف جمهورها ومن تخاطب وما خصوصيات هذا الجمهور، فهي ليست قناة تعليمية ولا ترفيهية ولا تربوية … أمرها بالفعل محير… وحين نحيّر عقول الكبار فلا بأس، أما تحيير عقول الأطفال فجريمة اجتماعية.
وكانت ادارة «الجزيرة للأطفال» تبدلت منذ أكثر من سنتين، وواضح أن الإدارة الجديدة عديمة الخبرة وعديمة التخصص. وكان هذا صاعقاً في بلد مثل قطر ترتفع فيه نسبة التعليم وترتقي فيه التخصصات الجامعية ويبدو رائداً في المجال الإعلامي. ولعلّ هذا ما شجع شبكة الجزيرة الرائدة على ضمّ «الجزيرة للأطفال» لتحافظ على سمعة مهنيتها وصورة الإعلامين القطريين المحترمين.
نرجو الآن وقد انتقلت القناة تحت اشراف هيئة مهنية متمرسة وواعية أن تصحح المسار وتحفظ ماء وجه الإعلام القطري الذي تفرّد في هذه التجربة المتميزة في اعلام الطفل وكان محطّ اعجاب وتقدير العالم لتلك الرسالة المتميزة التي حملتها الجزيرة للإطفال حين انطلقت في 2005. وجود قناة الأطفال تحت ادارة شبكة الجزيرة يعدنا ويعد الأسرة العربية بالكثير، لعل وعسى تتحقق أمانينا.
كمواطن عربي وخليجي أرجو ان تخرج هذه القناة من هذه المحنة وأن يعود للعائلة العربية حقها في قناة محترمة وتعليمية لأطفالها. وكما يقال الحقّ لا يضيع مهما تأخر .
بقلم : أحمد راشد | صحيفة الحياة السعودية الإلكترونية