لا جدال في أن المحصلة النهائية للمسلسلات التي أنتجها التلفزيون السعودي في الموسم الرمضاني كانت دون المأمول، وأقل بكثير من حجم ما صرف عليه من أموال، وبشكل يدعو للتساؤل عن لجنة تقييم الأعمال التي من المفترض أن تكون موجودة ضمن جهاز هيئة الإذاعة والتلفزيون .
فما الدور الذي قامت به اللجنة إذا كانت النتيجة سيئة بهذا الشكل وكيف تمت إجازة هذه الأعمال وهي بهذا المستوى؟ هل تم إنتاجها من دون قراءة المحتوى ومن دون معايير للجودة؟ ما الذي يبرر الفشل المتتالي سنة بعد أخرى؟.
إذا أراد التلفزيون السعودي منافسة القنوات الأخرى فيجب أن يقف مسؤولوه قليلاً ليسألوا أنفسهم ما الذي يريدونه فعلاً، وما شكل الدراما التي يطمحون لها وكيف يحققون هذا الطموح. إن تغيير الهوية يجب أن يصاحبه تغيير في الرؤية وتغيير في الاستراتيجية والاستعانة بالكوادر المؤهلة درامياً لتقديم شيء مختلف واحترافي.
يشفع للقائمين على القناة “السعودية” أنهم ضخوا دماء إنتاجية جديدة في مسلسلات لم يحالفها الحظ مثل مسلسل “دليفري” ومسلسل “بنق” رغم أن الثاني فيه القليل من جماليات الصورة وقوة الإنتاج والأسماء المشاركة فيه مثل الفنان المصري أحمد بدير والفنان سلطان الفرج.
لكننا مع ذلك نعجب من وقت عرض هذا المسلسل مع أذان الفجر بمدينة الرياض لأن هذا التوقيت سيقتل المسلسل حتماً وسيضيف إلى عيوبه عيباً إضافياً. فكيف يتم اختيار هذا التوقيت الميت لمسلسل يملك قليلاً من عناصر القوة؟. ربما لو عرض في فترة أفضل لوجد فرصته عند المشاهد أو لو تم تأجيل عرضه لما بعد شهر رمضان المبارك فسيكون وقعه أفضل.
مشكلة التوقيت واختيار الجدولة البرامجية مشكلة أزلية في القناة “السعودية” تتكرر في كل رمضان، وهي مشكلة تضاف إلى المشاكل الفنية التي تعاني منها المسلسلات، وهذا يدعونا إلى تكرار السؤال: من الذي يختار المسلسلات ويجيزها ومن الذي يقرر وقت عرضها؟. هل يتم ذلك وفق رؤية واضحة أم أنه اجتهاد وارتجال؟. وهل هناك معايير لكل ذلك؟.
أما مسلسل “دليفري” فهو مكرر من عمل يوتيوبي واعتمد فقط على ظهور خالد سامي الذي انحدرت شعبيته كثيراً لعدة أسباب منها عدم اختياراته الموفقة للأدوار التي يقوم بها في السنوات الأخيرة بالرغم من أنه كان ذات يوم من نجوم الصف الأول، أما بشير غنيم الذي استمر بتقليد شخصية من شخصيات “طاش ما طاش” فهو ضعيف في آدائه وبشكل يؤكد الضعف العام للمسلسل فكرة وسيناريو وإخراجاً. ورغم كل هذا الضعف تم اختيار المسلسل ليعرض في الفترة الذهبية!.
لقد جرت العادة أن تختار القنوات أفضل ما لديها لتعرضه في الفترة الذهبية التي تعد فترة المنافسة الأكبر، لكن القناة “السعودية” ومن دون أسباب واضحة تختار العمل الأضعف “ديلفري” لهذه الفترة المهمة وترمي المسلسل الأفضل نسبياً “بنق” في الوقت الميت مع آذان الفجر، فعلى أي أساس تم هذا الاختيار؟. وإذا كانت هناك لجنة مخصصة لذلك فما هي المعايير التي تعمل بناء عليها؟.
نسأل هذه الأسئلة لأننا لمسنا من معالي رئيس الهيئة الأستاذ عبدالرحمن الهزاع رغبة في التطوير التي أكدها بتصريحاته المتعاقبة من أنه لن يسمح بمجاملة أحد على حساب التلفزيون، وأنه لا بقاء إلا للأفضل. وكلنا ثقة في أن التلفزيون يسير في طريقه الصحيح وإن بخطى متثاقلة، لكن مع ذلك من المهم أن يخطط القائمون على التلفزيون جيداً وأن يضعوا استراتيجية ومعايير يسيرون عليها ويطبقونها على الجميع، والأهم أن يحددوا أهدافهم بالضبط وما الذي يريدون من كل الجهد الذي يبذلونه.
إننا لا نريدهم أن يحفروا في الماء ويكرروا أخطاءهم سنة بعد سنة بسبب غياب الاستراتيجية الواضحة .
رؤية : محمد العمري | صحيفة الرياض السعودية الإلكترونية