مع دموية الأحداث التي عاشتها منفوحة الأسبوع الماضي، خلال حملة مخالفي نظام الإقامة، إلا أنها أفرزت لنا عدة حقائق، لعل من أهمها ضعف الإعلام المحلي في التعاطي مع هذه النوعية من القضايا المهمة، فالإعلام المحلي بمختلف اتجاهاته كان خطابه موجهاً للمواطن ، بينما الطرف الآخر – المقيم أو المخالف – لم يوجه له أي خطاب يوضح له خطورة موقفه وبضرورة التجاوب الإيجابي مع هذه الحملة الوطنية.
لم يسع الإعلام المحلي – في محاولة كشف ما كان يجري خلف أسوار الأماكن المغلقة في منفوحة، التي تحولت إلى بؤر من التجمعات المشبوهة، ولم يكلف الإعلام نفسه بمحاولة استنطاق سفراء الدول المعنية بالقضية، وأخذ تصوراتهم عما يرونه من الحملة وتوجيه النصائح منهم تجاه أبناء جالياتهم المخالفين.
الإعلام بمختلف اتجاهاته اكتفى حين قام بتغطية أحداث منفوحة بالنصف الفارغ من الكأس، واكتفى بنشر أعداد المصابين وإبراز صور الضحايا، ولم يبادر إلى الدخول في عمق المشكلة والغوص في عوالم تلك المنازل والشوارع للبحث عن النصف الآخر من الكأس.
فلو قام إعلامنا بهذا الدور فإننا سنتلافى – تلقائياً – الهجمات الإعلامية التي ستواجهها المملكة من الأعداء الخارجيين الذين ينتظرون أي حدث لاستغلاله سلبياً ضد دولتنا.
كان بالإمكان استغلال القناة السعودية الثانية – مثلاً – لتقديم تقارير بالإنجليزية عن الحملة، تشرح أهدافها وتؤكد حق المملكة في تنظيم أراضيها وتنظيفها من المخالفين، مثلها في ذلك مثل دول العالم المتقدم كأمريكا وفرنسا ودول أوروبا من خلال محاربتها الهجرة غير الشرعية، والعقوبات الكبيرة لمخالفي الإقامة.
كان من الضروري استقلال هذا المنبر لمخاطبة الخارج بلغته إلى جانب مخاطبة الجاليات الموجودة في الداخل وتوعيتها بضرورة تصحيح أوضاعها والتقيد بأنظمة وقوانين المملكة.
لقد أظهرت أحداث منفوحة الحاجة الماسة لوجود قناة إعلامية رسمية تتخاطب مع الجاليات المتعددة التي تعمل بالمملكة بلغاتها المختلفة؛ تشرح لهم ما لهم وما عليهم ولا تتركهم يتناولون الأخبار ويتبادلون الصور عبر وسائل الاتصال الاجتماعي بكل ما فيها من تزييف وتضليل.
إن أحداث منفوحة أكدت غياب الإعلام الرسمي الموجه للخارج غياباً تاماً عن صناعة الحدث، بل وحتى المشاركة فيه، وأن الإعلام الخارجي الموجود حالياً ما هو إلا حضور للمؤتمرات الخارجية من دون أي فائدة للوطن، وكان لابد أن يبادر الإعلام الخارجي باستدعاء صحفيين من خارج المملكة، ومن الدول التي تعاني تجمعات غير نظامية؛ للحضور مع بداية الحملات ليطلعوا على ما خلفته تلك التجمعات من ضرر على أمن المملكة واقتصادها حتى لا يكون هناك تجنٍ إعلامي علينا.
إعلامنا المحلي بحاجة إلى إعادة صياغة ليتواكب مع ما يجري من أحداث يومية، وبحاجة إلى زيادة جرعات التدريب للعاملين فيه عن طرائق التعامل مع أحداث شبيهة بأحداث منفوحة .
بقلم : خلدون السعيدان | صحيفة الرياض السعودية الإلكترونية