المراقب للإعلام المرئي السعودي يجد أنه حقق قفزات نوعية في الفترة الأخيرة. فقد برزت عدة برامج حوارية في عدة قنوات فضائية نجحت في أن تنقل هموم الشارع السعودي إلى التلفزيون واستطاعت بجدارة أن تكسب المشاهد والحقيقة أن الساعة الثامنة تحديداً أصبحت وقتاً “يتسمر” فيه السعوديون أمام التلفاز بين برنامج “الثامنة” مع داود الشريان وبرنامج “يا هلا” واللذين نجحا في إثارة العديد من القضايا المهمة والجريئة جداً نذكر منها على سبيل المثال قضية “أم أمل” التي أثارها برنامج “الثامنة” وقضية طبيبة التخصصي التي أثارها الإعلامي المتألق علي العلياني ثم أخيراً قضية مطاردة الهيئة والتي أذيعت مباشرة في اليوم التالي لوقوع الحادثة في برنامج “يا هلا” ثم تمت مناقشتها من عدة جوانب في برنامج الثامنة وغيرها من المواضيع الحيوية التي تهم الناس ويشعرون برغبة حقيقية في معرفتها ومناقشتها .
هناك قضايا اجتماعية وأخطاء في بعض قطاعات الدولة تناقش بشكل علني وأصحاب القضية يطرحون أصواتهم، وهناك من يتفاعل معها من المشاهدين والإعلاميين. القضايا والأخطاء هي شيء يحدث في كل المجتمعات ولذلك فلا عيب في ذلك إطلاقاً ولكن ما كان غائباً هو مواجهة هذه القضايا والأخطاء، لأن الوعي بالمشاكل والأحداث وتوصيل صوت المواطن الذي يعاني من وضع ما أو من قضية معينة ومناقشة قضايا كانت إلى وقت قريب من المسكوت عنه وسماع كل الأطراف ذات العلاقة بالقضايا المطروحة على الشاشة وهو من أهم السمات التي تغيرت في الإعلام السعودي المرئي والتي لا شك أن لها آثارها الإيجابية الكبيرة، فمواجهة المشاكل ومعرفة مكامن الخلل هي أول سبل العلاج.
والحقيقة أن هذه النقلة الإعلامية لم تكن ممكنة لو لم يكن لدينا إعلاميون وإعلاميات من معدين ومعدات ومقدمي برامج ومقدمات أصبحوا على مستوى الحدث وأضافوا ثقلاً إعلامياً في طريقة الطرح الإعلامي وطبيعته.
الإعلام السعودي كما هو اليوم هو الشكل المناسب لمجتمع يرغب في التطور ويرغب في معرفة عيوبه وتجاوزها، لمجتمع فيه أطياف متعددة بآراء ورؤى مختلفة قابلة للحوار والتداول. وهو إعلام يستحق أن نفتخر به ونشعر بالامتنان له للدور الفاعل الذي يؤديه .
بقلم : هناء العمير | صحيفة الرياض السعودية الإلكترونية