لم أكن أتصور أن يأتي اليوم الذي يصبح فيه اقتناء محطة تلفزيونية بالسهولة أو اليسر الذي هو عليه اليوم، إذ أمكن الآن مع التطور التقني والتكنولوجي لكل إنسان أن يكون صاحب قناة تلفزيونية، ويكون هو الآمر الناهي فيها، وأن يقدم فيها ما يريد ويتمنى من دون أعباء مالية أو قيود وزارة الإعلام، وبهذا أصبحت سلطة مالكي القنوات التلفزيونية وقراراتهم القاسية وتحجيم الإعلاميين في مهب الريح، مع هذا التطور الجديد في عالم التلفزيون .
بدأت قيود التحكم بالقنوات التلفزيونية تنفك عقدتها مع ظهور أجهزة التلفزيون الحديثة التي تسمى بـ «التلفزيون الذكي» وهو تقنيا مثل الهاتف النقال الذكي، ويزود هذا التلفزيون بعدد من «البروسسرز» الذي يتعامل مباشرة مع الإنترنت ويجعل سرعة أداء البرامج في الشبكة العنكبوتية سريعا، مما يسهل عليها تشغيل جميع المواقع في الإنترنت، وبالذات مواقع الفيديو التي أصبحت من أكثر المواقع في الشبكة دخولا من قبل المتعاملين مع الشبكة.
فك القيود
جاء الهاتف النقال الذكي ليكمل فك القيود ويزيد من سهولة التعامل مع جهاز التلفزيون عبر برامج الفيديو التي أصبحت اليوم من أكثر البرامج سواء في الآبس أو الإنرويد استخداما من قبل مستخدمي الأجهزة النقالة الذكية، بحيث يقوم كل منها بالتقاط الأفلام والفيديوهات التي يرغب فيها مستخدمه، ثم يقوم بتحميلها وحفظها في ملف خاص بها، ثم يقوم ايضا بربط هذا الموقع بجهاز التلفزيون ويعرضها عليه بكل سهولة وهو جالس في مكانه من دون الحاجة إلى تغيير في برمجة الجهاز، أو الدخول إلى المواقع التي يرغب فيها ويتابعها على جهاز التلفزيون في المنزل.
هجر التلفزيون
من خلال البرامج الشهيرة في الأجهزة النقالة مثل الكيك ويوتيوب، أصبح بإمكان كل من يريد الاطلاع ومشاهدة الأفلام التي يتم تصويرها وهو في البيت ومن خلال جهاز التلفزيون، من دون الحاجة إلى برمجة الجهاز، فقط يتم الدخول إلى موقع البرنامج على جهاز التلفزيون الذكي، ويتم تشغيله على الفور ومشاهدة جميع الأفلام والفيديوهات التي تم تحميلها من قبل صاحب الحساب.
ولم يعد التلفزيون المنزلي هو السيد كما كان في السابق، فالمشاهدون والجمهور بدأوا بهجر التلفزيون وبرامجه التي عادة ما تكون مملة، ويتابع مواقع الفيديو والرسائل والكيك وغيرها من مواقع التواصل حتى وهو في المنزل، ومع ظهور الهاتف الذكي.
أصبح الجمهور يتابع الأحداث حول العالم من خلال هذا الهاتف الصغير الذي يحمله معه في كل مكان، وانتهى هذا المصطلح «ساعات الذروة» التي كانت في الغالب أثناء وجود الأسرة في المنزل، وتبدلت خريطة البرامج وطريقتها مع دخول الهواتف الذكية.
محطات جديدة
بدأ افراد الجمهور يشعرون بالملل من برامج التلفزيون ويعتبرونها طويلة، ففي المقاهي والمستوصفات أثناء الانتظار وفي الطريق حين الزحام، وغيرها من الأماكن أصبحت الهواتف النقالة هي المحطات التلفزيونية التي يتابعها الجمهور، وتبدلت المحطات التلفزيونية وشكلها وطريقتها، فبعد أن كانت عامة.. أصبحت خاصة، وبعد أن كانت تحت سيطرة المفكرين الإعلاميين أصبحت الآن مفتوحة للجميع، وبعد أن كانت تكلفتها تتجاوز ملايين الدنانير سنويا، أصبحت لا تتجاوز بضعة دولارات هي قيمة الاشتراك في برامج الآبس والأنرويد.
حسابات جديدة
من أوائل الحسابات التي برزت في هذا المجال «فن ون» لخالد الراشد رئيس مكتب روتانا السابق، وهو حساب يقدم أغاني وبرامج متنوعة يمكن مشاهدتها عبر الإنترنت، وهي أول قناة تلفزيونية كويتية على الشبكة، وهناك إذاعة خاصة لحمود ناصر متخصصة بالأغاني والكليبات وليست مقصورة على أغانيه وكليباته هو فقط، بل متنوعة ومتعددة، وهناك حساب خاص بنقل الأحداث السياسية في كل مكان في الوطن العربي، ينقل فيه آراء الناس والجمهور.
ومن أشهر الحسابات في الأجهزة النقالة حساب حنان جابر التي تعد من أكثر «الحاسبات» تفاعلا في الكيك، وسلوى المطيري التي تعتبر من أكثر «الحسابات» مشاهدة ومتابعة في اليوتيوب.
لا رقابة
يستخدم الهاتف النقال في الكويت أكثر من مليون ونصف المليون تقريبا، ثلاثة ارباعهم يستخدمون الفيديو والتصوير ولهم حسابات في الإنترنت ومواقع عرض الفيديو، فإذا نشط كل هؤلاء وكوّن كل منهم قناة تلفزيونية خاصة به سواء على اليوتيوب أو الكيك أوغيرها من المواقع، أو كان له موقع خاص «ويب» فإن كل هذا العدد يمكن مشاهدة اعماله وبرامجه عبر جهاز التلفزيون في المنزل من دون الحاجة إلى استخدام الكمبيوتر أو الواي فاي، بل يمكن إجراء كل هذه العلميات عبر جهاز الهاتف النقال الذكي، وكل هذه الحسابات أو المواقع لا تخضع لرقابة الشرطة الإلكترونية أو رقابة وزارة الإعلام، لأن قانون المرئي والمسموع الحالي لا يضع لوزارة الإعلام سلطة عليه، كما أنه لا يوجد قانون ينظم هذه العملية، وبالتالي فإنه يتوقع خلال عام واحد أو أكثر بقليل أن يكون لدينا في الكويت مليون قناة تلفزيونية محلية.. من غير رقيب ولا حسيب، وليس لغالبيتها فكر إعلامي محدد .
بقلم : أحمد ناصر | صحيفة القبس الكويتية الإلكترونية