يقال عادة أن المسرح «أبو الفنون»، فماذا عن التلفزيون ؟
واضـــح أنــه أضــاف الــــى مكونات المسرح مفردات أخرى لم تكن معروفة من قبل.
الدراما التلفزيونية في هذه الحالة استفادت من أدوات التقدم كلها، خصوصاً الفنون البصرية إلى الحد الذي يجعلها تتحوَل الى مكونات أساسية لا يمكن تحقيق دراما مكتملة من دونها.
مع ذلك تقع بعض الدراما العربية في فهم قاصر حين يظن محققوها أن هناك بين مكوناتها مهم وقليل الأهمية. الدراما إزاء فهم كهذا تبدو عرجاء وهشة التكوين: الحديث هنا يتعلق بالنجاح في القبض على المناخ الدرامي القادر وحده على «دمج» المشاهد في المشهد، أي جعله متابعاً للحدث الدرامي من داخله وليس مجرَد متابع محايد. ذلك يشبه إلى حد بعيد «حجر سمنار» الذي يؤدي الاستهتار بقيمته لانهيار شامل قد لا يدركه أصحابه إلا بعد خراب الدراما كلها.
تعيدنا هذه الحقيقة من ناحية أخرى إلى فكرة أن الدراما التلفزيونية هي أيضاً صناعة، أي أنها في شكل آخر اجتماع لأدوات وفاعليات مختلفة ومتنوعة وتبدو في الظاهر متباعدة العلاقة، ولأنها صناعة يصبح مفهوماً ومنطقياً ألا تتهاون في «الجزئيات» والتفاصيل التي قد تبدو «ثانوية» أو قليلة الأهمية، أي أنها لا تؤثر في نجاح العمل ووصوله للمشاهد على أكمل صورة ممكنة.
واللافت قلَة اكتراث أعمال درامية عربية ببعض تلك المكونات «الثانوية» إلى الحد الذي يجعل تراكمها يخلق خللاً ملحوظاً لا يخفى حتى على المشاهد العادي الذي قد لا يضع إصبعه على موضع الخلل لكنه رغم ذلك ينتبه له ويحسُ بوجوده وبالأثر السلبي لهذا الوجود.
هي لعبة واحدة وإن جاءت بمفردات كثيرة وذلك يعني لا جدوى التوقف عند النص والإخراج والتمثيل، أي تلك العناصر التي يراها كثر من أهل الفن مكونات أساسية يتوجب احترامها والحرص على قوتها في مقابل الاستهتار بالفنون الأخرى واعتبارها «تكميلية» يمكن غض النظر عن ضعفها.
عكس هذا تماماً ما نراه في الدراما العالمية (خصوصاً الأميركية والأوروبية)، فالأمر هناك يجري بحذر وانتباه شديدين لكل ما يحتاجه العمل الدرامي إلى حد يجعل مفرداته كلها تحظى بالإبداع .
بقلم : راسم المدهون | صحيفة الحياة السعودية الإلكترونية