من الأخبار الطريفة التي تداولتها وسائل الإعلام المحلية والعالمية هذا الأسبوع خبر ترشيح الفيلم السعودي “وجدة” لأوسكار أفضل فيلم أجنبي، ومكمن الطرافة هو أن الفيلم الذي تم ترشيحه ينتمي لبلدنا التي لا توجد فيها صالة سينما واحدة، ولا تمتلك بيئة إنتاجية مهيأة لتقبل أي شيء له علاقة بالسينما، لا بل إن مجرد اسم “سينما” يثير حساسية كبيرة لدى بعضهم .
إن ترشيح فيلم سعودي للمشاركة في تظاهرة سينمائية عالمية بمستوى الأوسكار ويشاهدها العالم كله، يبدو نوعاً من العبث السريالي غير القابل للتصديق؛ لأن مشهدنا الثقافي عموماً مغيب تماماً بفعل الأصوات المجهولة التي تحاول تدمير أي تجربة ثقافية في البلد، مهما كان نوعها، سينما أو غيرها. تلك الأصوات التي تمتلك الطاقة والحماس لإلغاء كثير من الفعاليات الفنية والثقافية مثل مهرجان الجنادرية، ومهرجان سوق عكاظ وغيرها، وذلك عبر حملات تجييش وإرهاب بكل الوسائل المتاحة لها من مواقع إلكترونية ومنتديات، ومواقع تواصل اجتماعي، وقامت في سبيل إلغائها بفبركة وتزوير مقاطع فيديو كاذبة من أجل إقناع المجتمع بأن هذه المهرجانات تخالف توجهات الدولة.
كل شيء مارسه هؤلاء، وفي كل مرة يكتشف المجتمع كذبهم وتزييفهم للحقيقة ومبالغاتهم التي لا يقبلها عقل أو منطق، ومع ذلك لا يزالون على حماستهم لإفساد أي محفل ثقافي، وخاصة كل ما يتعلق بالسينما.
ولا شك أن انتشار خبر فيلم “وجدة” في وسائل الإعلام قد أجبر هؤلاء على عقد الاجتماعات للبحث عن كيفية “شيطنة” الفيلم كيلا يكون هناك أي أمل بعرضه لاحقاً داخل المملكة، خاصة أن ترشيحه جاء من أمريكا، وهنا لا جدال في أنهم سيعتبرونه جزءاً من المشروع التغريبي، الذي يعزفون على أوتاره منذ سنوات. وبالطبع لا يهم هؤلاء أن يكون الفيلم رسالة تعكس صورة إيجابية مهمة عن المملكة لدى الغرب، ولا يهمهم أن يرتفع اسم وطننا عالمياً.
أقول إن الخبر طريف لأن الفيلم لم يعرض سابقاً في المملكة، كما أنه ليس له أمل بعرضه لاحقاً، لأن هؤلاء يتربصون له من الآن ويسعون للحيلولة دون مشاهدة السعوديين فيلماً يعبر عنهم وعن واقعهم.
وبسبب هؤلاء فإن السينما السعودية مهما تطورت ومهما تميز مخرجوها وممثلوها ستبقى مجرد حلم بالنسبة إلى السعوديين، مجرد سراب يسمعون عنه في وسائل الإعلام، لكنهم لا يرونه أمامهم على أرض الواقع.
السؤال الذي يدور في ذهني الآن: ماذا لو اختير الفيلم لقائمة الترشح النهائية للأوسكار.. وماذا لو فاز.. كيف وأين سيشاهده السعوديون؟ .
بقلم : خلدون السعيدان | صحيفة الرياض السعودية الإلكترونية