أحد المذيعين المعروفين عندما سألته عن سبب إبعاده عن برنامج كان من المتوقع أن يقدمه على قناة تلفزيونية مشهورة ورأس مالها سعودي، أخبرني انه تم اختيار زميل له كبديل له، وبفضولي الصحفي سألت من يكون، وسألت عن مؤهلاته فقال لي إجابة جميلة وطريفة لن أنساها، قال: مؤهله ” لبناني ” ! .
الاخوة اللبنانيون لا يمكن ان ننكر انهم اساتذة الاعلام الفضائي دون اي مقارنة، سواء في التقديم او الافكار او الانتاج، ولي اصدقاء كثيرون من اللبنانيين اجد احترافيتهم وتطويرهم لذاتهم بشكل لافت، وهم بطبيعة الحال من ساهم وبدرجة كبيرة في تطور صناعة الفضائيات العربية وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها مطلقاً، جعلت أحياناً من الخبر العادي في إحدى القرى اللبنانية يتصدر وبدون مبالغة أهم عناوين نشرات الأخبار لبعض القنوات.
ولكن أين القنوات الفضائية اللبنانية، لماذا اختفت نوعاً ما من خارطة أهم القنوات العربية، بعد أن كانت تتصدرها؟ أين أهم البرامج السياسية والثقافية والفنية والرياضية أحياناً التي كانت تستحوذ على خارطة اهتمام السعوديين في سنوات عديدة، أين البرامج التي كانت غاية طموح الكثير من المشاهير لدينا أن يكونوا ضيوفها، هل تذكرون احتفاليتنا على سبيل المثال أيام الجنادرية بالبرامج الحوارية والثقافية الراقية على ال LBC وتلفزيون المستقبل، حتى الرياضة نافسوا في برامجها وقدموا من استديوهات بيروت برامج مباشرة كانت أكثر جودة واحترافية من البرامج التي تقدم من الرياض.
تلفزيون المستقبل بعد رحيل الرئيس رفيق الحريري لم يعد كما كان في منتصف التسعينيات الميلادية، وال LBC لم تعد أيضاً كما كانت، وتلفزيون الجديد حاله كحال بقية القنوات أيضاً، حتى على مستوى البرامج الشهيرة كبرنامج “عيون بيروت” والذي كان يقدم على اوربت والآن على شبكة OSN لم يعد كما كان، اسئلة عديدة تطرح إعلامياً لهذا التوقف الذي أصاب الفضائيات اللبنانية. ولكن في المقابل نجد أن الكفاءات اللبنانية لم تتوقف عند محيط قنوات بلدها، فالذي يساهم ويشارك وبقوة في أشهر الفضائيات العربية هم اللبنانيون.
على النقيض تماماً نجد حالة من التوهج والنجومية المتخمة بكمية هائلة من الحرية للقنوات الفضائية المصرية الخاصة، فولدت قناة CBC كقناة مصرية محترفة وشاملة واصبحت بمصاف القنوات الفضائية التي سبقتها بعشرات السنين، شاهدوا النجاح الكبير لبرنامج “البرنامج” للظاهرة باسم يوسف وشاهدوا كمية الإعلانات الكبيرة فيه لتعلموا أن هذه القناة تنجح بشكل تصاعدي، حتى إن أشهر جملة لباسم يوسف قالها بهذا الخصوص وبدعابة اعتذاره لتطفل الدقائق المحدودة للبرنامج على الدقائق الطويلة للإعلانات!.
السؤال أين نحن كسعوديين من صناعة الفضائيات، التلفزيون السعودي رغم تاريخه الكبير إلا أن مسؤوليه يعتذرون بأن التطور قادم بعد تشكيل الهيئة والجميع ينتظر، ولكن هل أعددنا أنفسنا لمرحلة مختلفة وتعتبر نقلة بهذا المجال الحيوي، إنني أحلم أن نصل بهذا المجال الاعلامي الهام إلى درجة أن نقول لمن يسأل عن محترف لدينا، أن مؤهله: سعودي ! .
مقال : محمد الرشيدي | صحيفة الرياض السعودية الإلكترونية