رغم تطور صناعة الفيديو على الانترنت وظهور اعلام مرئي رقمي، الا ان اكثر الانشطة في السعودية لازالت تتصدرها في الاهتمام مشاهدة برنامج تلفزيوني وايضاً مشاهدة فيلم على التلفزيون، وذلك حسب دراسة لمؤسسة مسك الخيرية، حيث لوحظ ان تمضية الوقت على الانترنت ومشاهدة فيديو على الانترنت تأتي باهتمام اقل عن اهمية التلفزيون وبرامجه .
ولكن ماذا عن المستقبل، خصوصاً بعد ان اطلق احد المشاركين في ملتقى شوف للاعلام الرقمي الذي عقد مؤخراً بالرياض سؤالا غير منطقي وغير مناسب في الوقت نفسه في مثل هذه الملتقيات، عندما بدأ مشاركته بسؤال الحضور: هل تشاهدون القناة السعودية؟. وطبعا الصدمة كانت بصمت الحضور واجابتهم باغلبية ساحقة جدا، بقولهم: لا .
هنا السؤال من وجهة نظري كان في غير محله، ولكن الاجابة بالنسبة لي كانت صادمة لي جدا، كون اغلبية الحضور من فئة الشباب، فعندما يكون هذا النفور بهذا الاسلوب فمعنى ذلك ودون الحاجة لمكابرة ان هناك خلل لمواجهة مثل هذه الاسئلة، رغم الجهود المبذولة لدى القائمين على الهيئة .. !!
في عام 2017 لن يكون لمثل هذه الاسئلة اي موقع من الاعراب، لان الدلائل والمؤشرات في ظل تباطؤ وعدم تطور صناعة البرامج التلفزيونية بشكل عام والقنوات السعودية بشكل خاص، كون هذا العام من المتوقع ان يشاهد فيه الشخص اكثر من 32 فيديو خلال الشهر على الانترنت، وسيكون ثلثا حركة بيانات الجوالات لصالح الفيديو، ماذا يعني ذلك؟ وهل صناع برامج الفيديو على الانترنت جاهزون لمرحلة هذه الاعوام القليلة، اذا علمنا ان مقاطع الفيديو في السعودية بالوقت الحاضر تعتبر ثاني اكثر محتوى يتم المشاركة والتعليق عليها في الشبكات الاجتماعية بعد محتوى القنوات التلفزيونية التي لازالت متصدرة ومتماسكة .
عالمياً الرقم الخاص باليوتيوب مذهل ومخيف كون اكثر من مليار زيارة كل شهر لموقع يوتيوب مع رفع 100 ساعة كل دقيقة، ارقام فلكية لصناعة اعلامية حديثة نوعاً ما، لا تقارن بالتلفزيون الذي وصل عمره عشرات السنين، واصبح حالياً ضمن الخيارات وليس ضمن الاساسيات كما كان لدى المسوقين حيث تطورت نسبة الاستثمار بالفيديو على الانترنت من 23% عام 2012 الى 63% عام 2014 .
سبق لي ان كتبت مقالاً بعنوان “تلفزيونك في جوالك” قبل سنوات، بالاعتماد على ان اكثر القنوات التلفزيونية في ذلك الوقت اتاحت وطورت تقنية البث عبر اجهزة الجوال، ولكن حالياً الامر تطور واختلف، فالجوالات الذكية اصبحت شاملة لكل محتويات التطور عبر شبكات التواصل الاجتماعي وخصوصاً مشاهد الفيديو من خلالها، فحالياً على سبيل المثال نجد ان 40% من مشاهدات يوتيوب تتم عبر الجوالات الذكية، ولا ننسى ايضاً فيديو الانستقرام الذي وصل عالمياً الى 5 ملايين فيديو يتم رفعه خلال ال 24 ساعة .
مستقبل الاعلام المرئي سواء عبر القنوات التلفزيونية او من خلال التطور المذهل لصناعة الفيديو على الانترنت يعطينا مؤشرا على ان هذا المستقبل لن يتوقف عند الافكار التقليدية، ولن يتوقف عند العمل بروح العمل الحكومي البيروقراطي، ولن يتوقف على تكرار الهبة السنوية لبعض المنتجين الذي يكررون انفسهم منذ اكثر من 20 عاما، الامر يتعلق بصناعة تنمو بشكل كبير، والفرص متاحة للجميع للعمل الابداعي ولكن المهم الاستمرارية، فنحن نحتاج لمؤسسات كمؤسسة مسك الخيرية التي اطلقت مبادرة شوف للاعلام المرئي الرقمي للعام الثاني على التوالي بدعم لا محدود من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان الذي يستحق منا الشكر على هذا الدعم الذي نحتاجه لتطورنا بهذا المجال الحيوي الهام .
بقلم : محمد الرشيدي | صحيفة الرياض السعودية الإلكترونية