نشاهد في المسلسلات السعودية منازل وقصوراً تعيش فيها الشخصيات الدرامية وتختلف درجة فخامتها باختلاف درجة ثراء تلك الشخصيات, وفي بعض الأحيان يتكرر ذات المنزل في أكثر من مسلسل, ما يوحي بأن التصوير يتم في أستوديوهات احترافية توفر كافة احتياجات العمل ويستفيد منها أكثر من مسلسل, لكن الأمر لا يجري على هذا النحو في السعودية نظراً لضعف البنية التحتية للإنتاج الدرامي والذي يضطر معه كل المنتجين السعوديين إلى التجوال بين الأحياء السكنية بحثاً عن منزل مناسب يستأجرونه من أحد المواطنين.
تعتبر “اللوكيشينات” أو مواقع تصوير المسلسلات والأفلام من أهم مراحل الإنتاج الفني, وهي من حيث الأهمية تأتي قبل تصوير العمل ولابد من توفيرها وإلا لن يستطيع المخرج ولا الممثلون تنفيذ ما لديهم من مشاهد، وخلال مرحلة اختيار المواقع تقع الكثير من الأحداث والمواقف المحرجة ويتعرض فيها طاقم التصوير لظروفٍ قد تساهم في تأخير التصوير أو تعثره تماماً، وتعد مهمة الحصول على موقع التصوير من المهام الأكثر تعقيداً في المملكة ويتولاها مدير إنتاج المسلسل.
في الدراما السعودية وحيث لا توجد بيئة إنتاجية صحّية, يعتمد كثير من مديري الإنتاج على نظام “الفزعة” من قبل بعض الممثلين الشباب الذين بحماسهم للمشاركة في المسلسل كممثل قد يقدم منزل أسرته كموقع لتصوير المسلسل, ومن المواقف المحرجة في هذا الإطار أنه في أحد المسلسلات التي تطوع أحدهم بتوفير منزل أسرته في مدينة الرياض لفريق التصوير وبعد أن قام بالمشاركة في التصوير, حضر والده إلى المنزل ووجد فريق العمل يقوم بالتصوير داخل المنزل ولم يرق للأب هذا الوضع وقام بطرد فريق العمل, وبعد أن علم الأب أن ابنه قد شارك ومثل في المسلسل طالب فريق العمل بمسح مشاركة ابنه من المسلسل وهدد بتقديم شكوى ومنع المسلسل من العرض في حال ظهر ابنه أو منزله في أي لقطة من لقطات المسلسل.
وهذا موقف واحد ضمن سلسلة ضخمة من المواقف ومنها, ما تعرض له فريق أحد المسلسلات السعودية التي كانت تصور لصالح قناة خليجية, في أحد المستشفيات الخاصة بمدينة الرياض, حيث قامت إدارة المستشفى بطرد فريق العمل من المستشفى وذلك بعد قيام بعض الممثلين بالتدخين في أروقة وممرات المستشفى وارتفاع أصواتهم ومزحهم وهم بالقرب من غرف المرضى, ومثل هذا الموقف يدل على قلة وعي بعض الفنانين والفنيين الذين لا يحترمون مواقع التصوير.
ومن المواقف التي واجهت بعض الأعمال التي صورت سابقاً في مدينة الرياض, أنه بعد أن قام فريق العمل بتصوير عدد كبير من المشاهد في أحد المنازل تم تغيير موقع التصوير لكي يتم إنجاز تصوير مشاهد أحد الممثلين الذين كان لديه ارتباط مسبق للتصوير في مسلسل آخر, حيث قرر فريق العمل العودة لاحقاً إلى المنزل الذي كانوا يصورون فيه, وعندما عادوا إلى موقع التصوير السابق وجدوا أن المنزل أصبح أمامه حفريات وأصبح من الصعوبة التصوير بداخله نتيجة الأصوات العالية الناتجة عن عمليات الحفر أمامه, فلم يجد فريق العمل بد من الاتجاه لموقع تصوير آخر وإعادة تصوير كل المشاهد التي تم تصويرها سابقاً في المنزل الأول.
ومن المواقف التي تتسبب في مزيد من الخسائر للمنتجين في أثناء تنفيذ العمل الفني, هو اعتماد موقع تصوير والاتفاق على خمسة أيام مثلاً للتصوير في هذا الموقع, ثم يكتشف المنتج بعد ذلك أن مدير الإنتاج والمخرج لم يقدرا جيداً عدد أيام التصوير التي يحتاجونها في هذا الموقع, وعندما يريدون من صاحب المنزل أن يمدد لهم عدد أيام التصوير يرفض ولو حاولوا إغراءه أيضاً بمضاعفة المبلغ الذي دفعوه للخمسة أيام الأولى .
كما يتعرض غالباً فريق التصوير للكثير من المشاكل من الجمهور عندما يكون موقع التصوير في شارع عام أو أمام أحد المحلات حيث يتجمهر المارة لمتابعة التصوير ويصرون على السلام والتصوير مع الممثلين المتواجدين في المكان, مما يسبب الكثير من التأخير في تصوير المشهد وقد سبق واستعان عدد من المنتجين بدوريات أمنية محاولين إبعاد الجمهور عن موقع التصوير ليتسنى لهم استكمال عملهم, ومن هذه المواقف ما حدث مع فريق مسلسل “عيال قرية” في المشاهد التي صورت بالقرب من دوار أم سليم وسط الرياض. وتعتبر مواقع التصوير البرية والبعيدة عن المدينة أفضل مواقع التصوير وتعد نسبة إنجاز المشاهد فيها أسرع وأفضل للإنتاج, بحكم القدرة على التحكم في الأشخاص الموجودين بموقع التصوير بمنعهم عن إصدار الأصوات أثناء التصوير, وهذا الواقع دفع بأحد المنتجين السعوديين إلى إنشاء موقع تصوير خاص به في مزرعة تقع خارج المدينة ووفر لها الديكورات اللازمة لتصوير مسلسله الذي قدم منه أجزاء عديدة, وفي ظل عدم وجود أستوديوهات وأماكن مغلقة تخصص للتصوير, تبقى الأماكن المفتوحة والبعيدة عن صخب المدينة أفضل مواقع التصوير حال توفر بيئة نص مناسبة لمثل هذه الأجواء .
كما يعد التصوير في فيلا أو قصر لأحد الأعمال يسبب عدم إمكانية التصوير فيه مرة أخرى نظراً لظهور ديكوراته في عمل سابق, أي أن فرصة التأجير لمواقع التصوير تكون لمرة واحده فقط نظراً لكون المشاهدين سيكتشفون بكل تأكيد قيام عمل آخر بالتصوير في نفس الفيلا، مع وجود استثناءات بالطبع لأعمال سعودية تكرر فيها نفس القصر بسبب ضعف متابعة من مديري الإنتاج لما سبق تقديمه من أعمال, لكنها استثناءات قليلة لا توازي ما يحدث في مصر مثلاً حيث سبق وقدمت أفلام مصرية عديدة وشاهدنا فيها تكرارا لمواقع التصوير وخصوصاً الفلل كتلك التي ظهرت في مسلسل “الرقص مع الشيطان” من بطولة نور الشريف وظهرت أيضاً في عدة أفلام أخرى مما يعني ابتذال مواقع التصوير في تكرار لا يضيف شيئاً للمشاهدين بل يسبب ضيقاً نتيجة التكرار والابتذال.
أما عن قيمة تأجير مواقع التصوير في المملكة فتختلف بين مدينة وأخرى, بل من حي إلى آخر في المدينة الواحدة, وفي دراسة بسيطة ارتقت وبشكل ملحوظ هذا العام أسعار تأجير الفلل والقصور في مدينة الرياض بشكل كبير نظراً لعدة عوامل أهمها كثافة الأعمال الدرامية التي تصور حالياً في الرياض وندرة المعروض من الفلل, وكذلك نتيجة عدة مشاكل سابقة تسبب فيها عدد من الأعمال التي لم تحترم مواقع التصوير مما جعل أصحاب هذه المنازل والقصور يضاعفون الأسعار, وبحسب إحصائية قامت بها (الرياض) فإن الأسعار التي يعرضها بعض المواطنين لتأجير منازلهم للمنتجين هي على النحو التالي :
النوع السعر
الفلل المتوسطة من 2000 ريال إلى 5000 ريال في اليوم
الفلل الفخمة من 4000 ريال إلى 8000 ريال في اليوم
المنازل الشعبية من 1000 إلى 2500 ريال في اليوم
القصور الفخمة من 10000 ريال إلى 30000 ريال في اليوم
القصور المتوسطة من 7000 ريال 15000 ريال في اليوم
الشقق المفروشة من 800 ريال إلى 1500 ريال في اليوم
الاستراحات من 500 ريال إلى 3000 ريال في اليوم
صحيفة الرياض السعودية الإلكترونية