استمرارا لنهجه في رصد وانتقاد السلبيات العديدة التي يعاني منها المواطنون السعوديون، قدم المسلسل السعودي «من الآخر» صورة معكوسة للأوضاع التي تسود عمل بعض الوزارات، حيث أطل الفنان «يوسف الجراح» بأسلوبه الساخر ومن خلال كوميديا سوداء بشخصية مسئول في وزارة التخطيط، ليستعرض عبر الفيديو في مؤتمر صحفي حاشد المشروع الذي تتبناه الوزارة لحياة المواطن السعودي بعد مائة عام،
وذلك منذ لحظة ميلاده وحتى وضعه في مقبرته التي تحمل رقما مسلسلا خاصا به، هذا وقد تابع المشاهدون بسخرية شديدة الرفاهية التي سيكون عليها أحفاد أحفادهم بعد مائة عام، حيث يشرح المسئول بالصوت والصورة أن المواطن قبل دقائق من ميلاد طفله سيتلقى اتصالا في بيته المثالي من كل النواحي من أحد موظفي الوزارة يخبره بأن زوجته الحامل ستشعر بآلام المخاض بعد قليل، ويرجو منه فتح الباب لسيارة الإسعاف التي تنتظر أمام بيته، والتي لم تطلق «سارينة الطوارئ» حتى لا تزعج الجيران، فيفتح الأب الشباك وبالفعل يجد سائق الإسعاف يلوح له بابتسامة رائعة، وفي غضون ثوان كانت زوجته في المستشفى، بينما قامت بلدية المنطقة بتنظيف البيت وتعقيمه استعدادا لاستقبال المولود الجديد، وبالطبع لا تقل رفاهية المواطن في المستشفى، حيث تدخل الأم في جناح فاخر، ويتم توليدها على أيدي أفضل الأطباء بعد الاستقبال الحافل بالورد، وما أن يولد الطفل حتى يتم تحديد المدارس التي سيدرس فيها من خلال الأبحاث الوراثية التي تمت على الأسرة وحددت ميوله، لذا تم ترتيب مستقبله على هذا الأساس، وحتى إذا شذ عن القاعدة وأظهر المولود حينما يكبر ميولا أخرى، فوزارة التخطيط مستعدة أيضا لذلك ولكل الاحتمالات الأخرى، ومن ثم واصلت الحلقة رصد الصورة التي سيكون عليها المواطن بعد مائة عام موضحة أنه يتم اختيار مدرسة للطفل لا تبعد عن بيته سوى 100 متر.. ومع ذلك يأتي الباص ومسئول إيصال الطلاب إلى البيت لكي يأخذه إلى المدرسة، ولا يُسمح للآباء والأمهات باحضار أطفالهم، كما لا يُسمح للطالب بأن يحمل أي كتاب على ظهره فكل الكتب آلية يحملها في جيبه في جهاز مثل الجوال، وهكذا نتابع عبر الحلقة حياة المواطن من كل النواحي : كالصحة والتعليم والترفيه إلى مرحلة التعليم العالي ثم التوظيف والأرض الذي سيبني عليها والمخططات والسكن والفرش ومن ثم الزواج والقاعة التي سيتزوج فيها.. حتى خيارات عروس المستقبل عن طريق الكمبيوتر، حيث يتم كل ذلك في إطار من المثالية في كل أمور حياته حتى موته، وكفنه، ورقم المقبرة التي سينام فيها، وكأن الشعار يقول « كل شيء جاهز للمواطن السعودي العزيز من المهد إلى اللحد » .
صحيفة اليوم السعودية الإلكترونية