عاصفة غضب لمنع عرض “عمر”… والفضائيات تلوذ بالصمت
مشهد يتكرر كل عام مع اقتراب شهر رمضان, وإعلان الفضائيات عن الأعمال التي تعرضها, سواء أكانت ذات أطر سياسية, تراثية أو دينية. حيث زادت الفضائيات من ملامسة مناطق محظورة تسبب الكثير من البلبلة في المجتمع. ورغم ان الأزهر الشريف حذر مراراً وتكراراً من تجسيد أي من الأنبياء والصحابة
وآل البيت والعشرة المبشرين بالجنة, وأصدر في ذلك تحريماً قاطعاً, إلا أن بعض الفضائيات العربية لم تستجب, حين عرضت المسلسل الإيراني »يوسف الصديق«, وتلاه عرض مسلسل »المسيح« الذي اضطرت قناة »المنار« لإيقاف عرضه بعد بضع حلقات, وفي العام الماضي عرضت فضائيات قليلة مسلسل »الحسن والحسين« فقوبل بعاصفة انتقادات ورفض من قبل الأزهر ورجال الدين العرب.
تجددت العاصفة هذا العام وبدأت الحملات الإلكترونية لمنع عرض مسلسل »عمر بن الخطاب« أو »عمر الفاروق« بمجرد إعلان مجموعة »MBC« عن مشاركة تلفزيون »قطر« في الإنتاج بميزانية مفتوحة ويتناول حياة وحكم ثاني الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – بعنوان »عمر الفاروق« يجسد هذا الإنتاج سيرة ومسيرة الخليفة عمر بن الخطاب, إبان الدولة الإسلامية. ويتطرق إلى ما يحمله »الفاروق« من قيم وصفات تحلى بها, منها العدل والحُكم الصالح والحكمة والتسامح والروح القيادية, والبطولة وغيرها. كما يسلط الضوء على الصفات الشخصية للخليفة إضافة إلى البيئة الاجتماعية التي كانت سائدة وقتها من حيث القيم والمفاهيم, وكذلك البيئة الجغرافية الطبيعية.
»برومو«
ولم يدل مسؤول في الجهة المنتجة بأي تفاصيل أخرى عن العمل وساد هدوء يشوبه غضب وترقب بين جميع الأطراف المعنية منذ ان كشفت مجموعة »MBC« النقاب عن »برومو« المسلسل الذي يتضمن مشاهد كاملة, وعلى إثره ثارت عاصفة من الغضب والانتقادات طالت من شارك في العمل بدءاً من الجهة المنتجة مروراً بالممثلين الذين ظهروا في »البرومو« وصولاً للفضائيات التي ستعرضه خلال شهر رمضان المقبل.
»السياسة« فتحت ملف »عمر الفاروق« وهاتفنا الفنان الكويتي الوحيد المشارك في العمل فيصل العميري حيث أبدى استياءه من الهجوم الاستباقي غير المبرر قبل عرض المسلسل وقال: بشكل عام غير مصرح لي بالحديث عن العمل قبل عرضه وسأكتفي بالتأكيد عن ان »الفاروق مسلسل تاريخي وليس دينياً أو عقائدياً أو طائفياً«, مشيراً إلى أنه مستعد لمناقشة العمل والشخصية التي يجسدها بعد عرض المسلسل.
بينما أكد مصدر مسؤول في مجموعة »MBC« ان المسلسل في المراحل النهائية للمونتاج وسيكون جاهزاً للعرض خلال شهر رمضان, رافضاً التعليق على ظهور شخصية الفاروق عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – وقال: »أتمنى من الجميع الانتظار لحين عرض العمل, ثم يبدأ النقاش والانتقاد«.
كما شهدت الأيام الأخيرة ارتفاع وتيرة الهجوم على المسلسل وصناعه وكان آخر تلك التصريحات انتقادات المفتي العام للملكة العربية السعودية الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ لمتبني ومنتجي فكرة مسلسل »عمر الفاروق«, معتبراً عرض سيرة الفاروق بهذه الطريقة من الأساليب الملتوية التي لا يراد بها خير, وأن من يتبناها مخطئ وضال.
تنوير
ووصف آل الشيخ في خطبة الجمعة التي ألقاها في جامع الإمام تركي بن عبدالله في الرياض أمس الأول, من يقف خلف تلك الفكرة ب¯»مدعي التنوير الفكري«, وانه مهما برروا فهم على خطأ فيما سلكوا, وأن خطوة ملاك القنوات الفضائية بعرض تلك المسلسلات خطر وخطأ وجريمة.
وقال: »إن المهاجرين والأنصار أصحاب رسول الله محمد – صلى الله عليه وسلم – خير الناس بعد الأنبياء, وإن من المصائب والبلايا ان بعض فضائيات تعرض سيرة الخلفاء الراشدين بأسلوب مآله الجرح والنقد«.
وأضاف: »هناك طائفتان أخذتا على عاتقهما التجريح في أصحاب رسول الله وسبهم وانتقاصهم, أولاهما المجوس الذين لا يستنكر منهم شيء, وأخرى من بعض المؤمنين الذين أرادوا أن يأخذوا سيرة عمر بن الخطاب بالتحليل السياسي والاجتماعي ليجعلوها مجالاً للنقد والاستهزاء وتكلم المتكلمين«.
من جهته, أقام المحامي دويم المويزري دعوى قضائية في الكويت ضد مجموعة من القنوات الفضائية, مطالباً بمنع المسلسل المقرر عرضه في رمضان مستنداً إلى الفتاوى التي لا تجيز تمثيل
أو تجسيد الصحابة.
مؤكداً ان مثل تلك المسلسلات ترسخ في ذهن المشاهد والطفل سلوك ذلك الممثل أو طريقته بأنه هو الصحابي الجليل المراد تمثيله, وطبقاً للمشاهد التي تم بثها كدعاية للمسلسل والمواقف والأحداث, فإن أحد الممثلين يقوم بتمثيل دور أمير المؤمنين عمر – رضي الله عنه – كما يظهر في المشاهد أن أغلبية الصحابة, سيتم تشخصيهم.
وعلى صعيد مواقع التواصل الاجتماعي أطلق عدد من الناشطين صفحات تدعو لمقاطعة المسلسل والضغط على الجهة المنتجة والفضائيات المقرر عرض العمل عليها لمنعه ومن تلك الصفحات على موقع التواصل الاجتماعي »فيسبوك« معاً لمقاطعة مسلسل »الفاروق«, في حين آثرت مجموعة من الشباب تدشين موقع الكتروني بعنوان »إلا عمر« وجاء في المقدمة التي ساغها القائمون على الموقع للتعريف عن أنفسهم »نحن حملة الغيورين على دينهم, نطالب بإيقاف مسلسل »عمر« الذي يجسد الصحابة والخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم في العالمين العربي والإسلامي وندعو إلى عدم الحط والانتقاص منهم واحترام المبادئ والقيم الإسلامية وتطالب بالإيقاف عن المتاجرة بالدين بما
لا يرضي الله تعالى.
عالمية
يذكر ان »MBC« ذكرت قبل أيام انه وبالتزامن مع عرض المسلسل في منطقة الشرق الأوسط, بدأ المسلسل فعلياً مسيرته نحو العالمية عبر منح حقوق عرضه لشبكات تلفزة متعددة حول العالم, منها »شبكة ATV« التلفزيونية التركية الرائدة, التي ستعرضه مدبلجاً باللغة التركية. وفي هذا السياق, قال فادي إسماعيل مدير عام شركة »O3 للإنتاج«: إن رحلة مسلسل »عمر« نحو العالمية بدأت فعلاً انطلاقاً من منطقة الشرق الأوسط, مروراً بتركيا, ووصولاً إلى بلدان أخرى, ليتمكن أكبر عدد من المشاهدين والمهتمين حول العالم من متابعته ومعرفة تفاصيل سيرة ومسيرة الخليفة العادل, في نهضة الدولة الإسلامية«. وختم إسماعيل: أما بخصوص »شبكة ATV« التركية تحديداً, فهي أبدت متابعة دؤوبة واهتماماً بالغاً بالعمل, منذ أن تبلور كفكرة درامية, ثم عبر مراحل إنتاجه المتلاحقة, وأخيراً الاستحواذ على حقوق دبلجته وعرضه .
صحيفة السياسة الكويتية الإلكترونية