دعوات لمقاطعة العمل .. وغموض حول ظهور الخلفاء الراشدين
حرك مسلسل “عُمَر”، الذي يروي سيرة الفاروق عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، وستعرضه قناة “أم بي سي”، وعدد من القنوات العربية والأجنبية في شهر رمضان المقبل، الساكن حول مسألة تمثيل الصحابة، التي أحدثت انقساما كبيرا في السنوات الخمس الماضية، حول تجسيد أدوار الصحابة.
إلا أن الاختلاف الكبير بين تجربة هذا المسلسل، وبقية المسلسلات التاريخية، هو أن الجدل كان منحصرا حول تمثيل أدوار الصحابة، دون التطرق للعشرة المبشرين بالجنة، وتحديدا الخلفاء الراشدين.
وكان رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الدكتور يوسف القرضاوي، من أوائل من نادوا بجواز تمثيل الصحابة، ولكن بضوابط شرعية، مستثنيا الأنبياء، وأمهات المؤمنين، والخلفاء الراشدين، وثلاثة فقط من العشرة المبشرين بالجنة، هم أبوعبيدة عامر بن الجراح، وطلحة بن عبيدالله، والزبير بن العوام، لما لهم من منزلة خاصة بين الصحابة والمسلمين، وأجاز تمثيل الثلاثة المبشرين بالجنة الآخرين: سعيد بن زيد، وعبدالرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وباقي الصحابة الكرام.
وعلل القرضاوي فتواه بالجواز بقوله: “إن ما استقر عليه الفقه المعاصر، من مدة طويلة، أنهم لم يحرموا تمثيل جميع الصحابة، وإنما حرموا تمثيل الخلفاء الراشدين، والعشرة المبشرين بالجنة، وأمهات المؤمنين”.
فتاوى التحريم
فيما حرم مفتي عام المملكة العربية السعودية، رئيس هيئة كبار العلماء، عبدالعزيز آل الشيخ، تمثيل أدوار الصحابة، وهاجم المسلسل وصانعيه، معتبراً إياه خطأ وجرمية.
وأيده في ذلك عضو هيئة كبار العلماء، إمام وخطيب المسجد الحرام، الدكتور صالح بن حميد، وقال بتحريم تمثيل الصحابة بشكل نهائي.
والقول بالتحريم، هو رأي جميع أعضاء هيئة كبار العلماء في المملكة، عدا الدكتور قيس المبارك، الذي أباح التمثيل بضوابط. وذهب جملة من العلماء لتبني رأي التحريم المطلق، مثل الخبير في مجمع الفقه الإسلامي، الأستاذ في جامعة محمد الخامس في الرباط سابقا، الدكتور أحمد الريسوني، ورئيس مجمع فقهاء الشريعة في أمريكا، عضو المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، الدكتور حسين حامد حسان .
ولم تقف فتاوى التحريم المطلق على الرأي الفردي للفقهاء، بل إن كبرى المجامع الفقهية حرمت تمثيل أدوار الصحابة، وكان آخرها البيان الصادر العام الماضي من المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي، الذي حرم تمثيل الأنبياء والصحابة، موضحاً أن “الصحابة – رضوان الله عليهم – شرفهم الله بصحبة النبي، واختصهم بها دون غيرهم من الناس، ولا يمكن للممثلين مطابقة ما كان عليه الصحابة من سمت وهدي”.
مجامع فقهية
ويعارض المجمع الفقهي الإسلامي في مكة فكرة تجسيد أدوار الصحابة في الأعمال الدرامية، غير أنه لم يكن المجمع الفقهي الوحيد المعارض للفكرة، أو أول المجامع تحريما لها، بل سبقه قرارات وفتاوى تحريمية من مجامع أخرى، حيث عارض أعضاء مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر الشريف تمثيل وظهور الصحابة في مثل هذه الأعمال منذ إنتاج فيلم الرسالة للمخرج السوري مصطفى العقاد في سبعينيات القرن الميلادي الماضي، وظلوا على موقفهم في اجتماعهم الأخير برئاسة شيخ الأزهر الراحل الدكتور محمد سيد طنطاوي، الذي عقد العام قبل الماضي بمشاركة مائتي عالم.
أثار الإعلان عن إنتاج مسلسل ستجسد فيه شخصية الخليفة عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – حالة انقسام بين علماء الأزهر، بين مؤيد ومعارض، إلا أن الأزهر ظل على رأيه السابق بالتحريم المطلق.
ورفض الأزهر بعد ذلك إعادة النظر في موقفه السابق، عندما استقبل شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، وفدا زائرا من القائمين على العمل، ترأسه مدير مجموعة “إم بي سي” الوليد البراهيم، إضافة إلى الدكتور سلمان العودة، وكاتب العمل الدكتور وليد سيف، وفادي إسماعيل، وبديع فتوح، قبل نحو عام ونصف، وطالبهم حينها بالرجوع إلى العلماء في المملكة العربية السعودية، خصوصا هيئة كبار العلماء.
بارقة أمل
ولعل مجموعة “أم بي سي” وتلفزيون قطر (الجهتين المنتجتين للعمل) اصطدمتا بعقبات كبيرة في بداية مشروعهما، الذي يهدف لتعريف الأجيال بشخصية الفاروق عمر بن الخطاب، والرد على كل الأفلام والمسلسلات التي تسيئ لعمر بن الخطاب، والصحابة رضوان الله عليهم.
ورغم أن تنحية تمثيل أدوار الخلفاء الراشدين قد يخفف الضغط على القائمين على العمل في ظل وجود أعمال كثيرة أظهرت الصحابة، دون الخلفاء الراشدين والعشرة المبشرين، مثل مسلسل “خالد بن الوليد” و”قمر بني هاشم” وغيرهما، إلا أن الجهات المنتجة تمسكت ببارقة أمل في إنتاج المسلسل كما يودون، من خلال وثيقة من ثلاثة آلاف كلمة أصدرها 17 فقيها من كبار علماء الأمة قبل عامين، استندوا إليها في إجازة تمثيل أدوار الصحابة بضوابط.
ومن الموقعين على الفتوى الدكتور يوسف القرضاوي، والدكتور عبدالله بن بيه، والدكتور خالد المصلح، والدكتور سعود الفنيسان، والدكتور عبدالوهاب الطريري، والدكتور عصام البشير، والدكتور عجيل النشمي، والدكتور نصر واصل، والدكتور وهبة الزحيلي، وحمود الهتار.
وفور إعلان “إم بي سي” وتليفزيون قطر عن إنتاج العمل، شكلت لجنة شرعية سباعية مكونة من الدكتور يوسف القرضاوي، والدكتور سلمان العودة، والدكتور عبدالوهاب الطريري، والدكتور على الصلابي، والدكتور سعد العتيبي، والدكتور أكرم العمري، لمراجعة النص، ومحاولة تنقيته من كل تحريف أو تشويه، والمحافظة على شخصية عمر بن الخطاب بعيداً عن الروايات التاريخية الضعيفة أوالمسيئة؛ حرصاً على ظهور المسلسل بأفضل صورة، إلا أن انقساماً حدث بينهم حول إظهار صور الخلفاء الراشدين، لكن الدكتور يوسف القرضاوي، الذي رأى إظهار الخلفاء الراشدين بصور معينة وبضوابط مشددة في فيلم هوليودي يعكف المنتج الكويتي محمد العنزي والقطري أحمد الهاشمي على إنتاجه، كان هو الغالب على مسلسل “عُمر”، الذي حول الخلاف بين العلماء حول حكم تمثيل الصحابة بشكل عام، إلى حكم ظهور الخلفاء الراشدين.
صمت وضبابية
وبعد سلسلة من الاجتماعات، التي عقدت في العاصمة القطرية الدوحة العام قبل الماضي، بين اللجنة الشرعية، والجهات الفنية، والكاتب والمخرج، إضافة لحضور إعلامي تمثل في أحمد الشقيري (مقدم برنامج “خواطر”)، وفهد السعودي (مقدم برنامجي “الحياة كلمة” و”حجر الزاوية”، تم الانتهاء من كتابة النص وتنقيحه من قبل اللجنة الشرعية، وباشر المخرج السوري حاتم علي مراحل التصوير في سوريا وتونس والمغرب. ورغم الضبابية التي أحيط بها العمل في مسألة ظهور الخلفاء الراشدين من عدمها، إلا أن الصورة لم توضح بعد، سواء من اللجنة الشرعية المخولة بمراجعة النص، التي التزمت الصمت، أو الجهتين المنتجتين، إلا أن المخرج وحده تحدث بقوله “لن يحصل، سيكون ظهور الخلفاء بشكل مجتزأ بالصورة التي ظهروا فيها في مسلسلات سابقة، لن يكون لوجوههم ظهور، فعم يتحدث الصحافيون؟”.
لكن الملاحظة المكتوبة على الصفحة الأولى من حلقات العمل أكدت أن “يراعى في التصوير أخذ لقطات عامة للمشاهد التي يظهر فيها الخلفاء، أو يتم التصوير من الخلف، مراعاة لعدم ظهور وجوههم، وإذا استلزم الأمر للمشاهد الأمامية يتم إخفاء الوجوه بهالة نورانية”.
وما حصل على أرض الواقع في موقع التصوير في دير علي، أشار إلى احتمال ظهور وجوه الخلفاء والمبشّرين بشكل طبيعي. وهذه الرؤية هي التي أدت إلى عدم موافقة الجهات الشرعية في المغرب على إكمال تصوير العمل فيها حتى تم تسوية الأمور، وهو ما يفسر توقف تصوير العمل فترة من الزمان.
ممانعة المغرب
وأشارت مصادر فنية مغربية إلى أن هناك شركات مغربية وأجنبية متخصصة في الإنتاج السينمائي والفني وصناعة الديكور بتكاليف عالية عملت على تشييد ديكورات ضخمة تجسد المشاهد المعروفة قديما في مكة المكرمة. غير أن المركز السينمائي المغربي، وهو أعلى هيئة رسمية تمنح التراخيص للمنتجين لتصوير أفلامهم ومسلسلاتهم على الأراضي المغربية، نفت أن تكون منحت ترخيصا لبدء تصوير هذا العمل.
وبين هذه الروايات خرج عمرو ابن المخرج حاتم علي ليؤكد أن التصوير في سوريا مستمر، قبل أن ينتقل إلى تونس، حيث استكمل فريق العمل تصوير المسلسل هناك، دون أن يحدد أن تونس هي بديلة للمغرب، أم هي محطة قبل الذهاب إليها.
ممثل مغمور
للخروج من الحرج، قرر المخرج حاتم علي إسناد دور عمر بن الخطاب لشاب مغمور اسمه سامر إسماعيل، وهو خريج عام 2010م من المعهد العالي للفنون المسرحية في سوريا بعد أن انتقاه حاتم علي من بين مئات الشبان بعد اختبارهم.
وكانت تقارير أوردت خبر استبعاد تيم حسن من تجسيد شخصية الفاروق بعد ظهوره بشخصية “جميل” في “زمن العار”، و”عابد كرمان” في عمل يحمل الاسم نفسه، ليستقر المخرج على استراتيجية الممثل “البكر”، الذي لا يضم تاريخه المهني ما يمنعه من أداء شخصية حساسة من هذا النوع.
ويمتد العقد الموقع بين الممثل الشاب وبين الجهة المنتجة إلى نهاية عام 2012م، أي بعد انتهاء العرض الأول للمسلسل في شهر رمضان المبارك. ونص العقد على منع الممثل الشاب من التواصل مع الصحافة، وعدم ظهوره في أي عمل آخر طوال هذه المدة مقابل أجر الدور، وراتب شهري محدد حتى انتهاء عام 2012م. الدليل على ذلك ما حصل بعد قيام سامر إسماعيل بتصوير بعض اللوحات في مسلسل “كريزي”، حيث طلب حاتم علي من الشركة المنتجة حذف مشاهد إسماعيل من كامل العمل، وهو ما تم بالفعل.
وسيؤدي الفنان السوري غسان مسعود دور الخليفة أبي بكر. وكان مسعود اشترط سابقا أنه لن يشارك ما لم يتم تجسيد الخلفاء بشكل كامل. وأُسند دورا عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب إلى ممثلين من المغرب العربي، بعد أن ذكرت بعض التقارير أن حاتم علي نفسه سيقوم بدور الخليفة الرابع علي بن أبي طالب.
تغاريد “العودة”
وكشفت تغاريد للدكتور سلمان العودة أن اللجنة الشرعية المخولة بمراجعة النص قد أشرفت على تصوير العمل من خلال مشاهدتها للعمل بعد التصوير، وإبدائها بعض الملاحظات، لكن الجميع امتنع عن الاعتراف بظهور الخلفاء الراشدين. وأبان العودة أن النص، الذي عكف على كتابته وليد سيف، كُتب بعاطفة صادقة، وحب لعمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وتأتي تغريدة الدكتور سلمان استكمالا لرأيه بأنه “يجب النظر إلى العمل، فإذا تم تجسيد الصحابي بشكل مقبول وحسن دون تزوير أو إساءة له، ودون وجود مشاهد فاضحة، فإنه أمر حسن”، مما يعني أن قضية ظهور الخلفاء الراشدين ضمن ضوابط مشددة هي الأقرب.
دعوات المقاطعة
بعد إعلان “إم بي سي” عن عرض المسلسل، انقسم المجتمع بين مؤيد ومعارض، ففريق يرى مقاطعة العمل وآخرون يرون الانتظار حتى يعرض العمل للحكم عليه.
وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بعديد من دعوات المقاطعة وتجميع التواقيع التي تدعو للمقاطعة، ومطالبة منع العرض، أيدتها آراء من عدد كبير من العلماء والفقهاء داخل المملكة وخارجها، ومنهم المفتي عبدالعزيز آل الشيخ، الذي ألقى خطبة جمعة يحرم فيها العمل ويجرم القائمين عليه، وكذلك الدكتور صالح بن حميد، ومحمد الهبدان، الذي أجهش بالبكاء، مطالبا بعدم عرض المسلسل، مما دفع بعض أعضاء اللجنة الشرعية، ومنهم أستاذ السياسة الشرعية في المعهد العالي للقضاء الدكتور سعد العتيبي لإصدار بيان أكد فيه أن مشاركته في العمل جاءت لمنع الدسائس.
أكد مالك قنوات “إم بي سي” الوليد البراهيم، أثناء اجتماعات للمسلسل، أنهم لن يعرضوا المسلسل حتى يأخذوا آراء جميع الهيئات الشرعية، بما فيها المجامع الفقهية في رابطة العالم الإسلامي، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وهيئة كبار العلماء، ومجمع البحوث في الأزهر وغيرها، مؤكداً أن العمل سيكون مطابقا للشريعة الإسلامية، وستتم استشارة كل الجهات الشرعية والاستماع لوجهات نظرها حول العمل.
وأبان البراهيم أن مشروع المسلسل لن يكون حكرا على “إم بي سي” والتلفزيون القطري فقط، مفيدا أن المسلسل سيعرض على جميع الفضائيات ليحقق الهدف الذي أنتج من أجله، وهو تصحيح صورة الإسلام، وحسن تقديم الصحابة، رضوان الله عليهم، بشكل يليق بهم.
وبين البراهيم أنهم تلقوا عديدا من العروض التي أبدت اهتمامها بالعمل وعرضه، من قنوات عربية، وأخرى غير عربية، بعد دبلجته أو ترجمته، وعرضه في قنوات دولهم مثل تركيا وماليزيا وباكستان وبروناي وغيرها، مؤكدا أن مصير المسلسل العرض على جميع المحطات العربية والإسلامية.
وشدد البراهيم على أن هدفهم من العمل تصحيح تقديم التاريخ الإسلامي بشكل حقيقي وواقعي، بعيدا عن التزييف والكذب، مشيرا إلى أن العمل موجه لجميع المسلمين بمختلف أطيافهم، وكذلك لغير المسلمين لمعرفة حقيقة الإسلام ورموزه.
وتطرق البراهيم إلى وقت عرض العمل، موضحا أن هدفهم هو عرض العمل في شهر رمضان نظرا لارتفاع نسب المشاهدة فيه، وملاءمة عرض مثل هذه النوعية في الشهر الفضيل، خصوصا أنها تتحدث عن التاريخ الإسلامي. واستدرك بقوله “لكننا نركز على تجويد العمل، وإظهاره بحلة ممتازة على حساب الوقت والزمن”.
ولفت البراهيم إلى أن هناك ميزانية مفتوحة لإنتاج المسلسل، رافضا ربطه برقم معين. وقال “لن نوفر أي جهد أو وقت أومال بالتنسيق بيننا وبين التليفزيون القطري في إنتاج العمل، فالمسلسل خارج إطار مشاريع الربح والخسارة؛ لأننا نصنع عملا يشكل أنموذجا يحتذى للمسلسلات التاريخية الإسلامية الهادفة وسنوفر كل ما يتطلبه العمل، مؤكدا أن كل الإمكانات المتاحة ستذلل لإنتاج المسلسل”.
وحول الهدف من اختيار شخصية الفاروق ومرحلته التاريخية لسردها دراميا، قال البراهيم “تكمن أهمية هذا العمل الدرامي التليفزيوني التاريخي الإسلامي الضخم في رمزيته والأسباب الموجبة، التي أدت إلى التصميم على إنتاجه فعرضه، إذ إنه يقدم مثالا رائعا للمسلم المؤمن، ساعياً في الوقت نفسه لإعادة عرض التاريخ وتصحيحه وحفظه قدر الإمكان عبر الدراما، وذلك بحسب الروايات الأكثر دقة وتدقيقا لتلك المرحلة، داحضا تعدد الروايات من قبل من أساء ويسيئ للتاريخ الإسلامي الجامع، عن قصد أو غير قصد، ومن مختلف الأطراف، في وقت يدور فيه الجدل لدى بعضهِم حول القضايا أو المفاهيم المتعلقة بالإسلام أوحاضره ومستقبله ودوره في الحياة العامة”.
أهمية العمل
وحول اختياره لتليفزيون قطر لمشاركته في الإنتاج قال البراهيم “التليفزيون القطري له تاريخ طويل في الإنتاج الدرامي التاريخي، بل هو رائد في صناعة هذه النوعية من الأعمال، وسبقنا بمراحل عديدة في هذا المجال، لذلك أردنا الاستفادة من خبرتهم وتجربتهم”.
واعترف البراهيم بأنه يتمنى أن يكون العمل مثيرا للجدل، إضافة لتصحيح الصور المغلوطة عن الإسلام ورموزه، مشددا على أن أهم أسباب نجاح الأعمال أن يكون مثيرا للجدل ويحقق صدى واسعا حتى يستقطب الجمهور ويستفيد منه ويحقق الفائدة التي من أجلها أنتج.
وكان الوليد البراهيم قد وقع مذكرة تفاهم مع مدير التليفزيون القطري عبدالرحمن الكواري في 30 سبتمبر عام 2010 لإنتاج المسلسل في مقر مجموعة “إم بي سي” في دبي
والعمل من تأليف الدكتور وليد سيف وإخراج حاتم علي، وبطولة نخبة من نجوم الدراما السورية والعربية، بينهم: غسان مسعود، وسامر إسماعيل، ومنى واصف، وسوزان نجم الدين، وسيف الدين سبيعي، وجواد شكرجي، ونجاح سفكوني، والدكتور سامر عمران، وفاتن شاهين، ومحمد مفتاح.
أوضح كاتب نص العمل الدكتور وليد سيف أنه حرص على تحري الدقة في كتابة النص، كونه يتناول شخصية حساسة، مشددا على وجود تنسيق بينه وبين اللجنة الشرعية التي راجعت النص.
وقال في تصريح لـ”الشرق”: إن أحداث المسلسل تنطلق قبل سنوات فقط من بعثة الرسول – صلى الله عليه وسلم – وتتابع الشخصيات المركزية والمحيطة بها عبر مرحلة الدعوة حتى وفاته، ثم مرحلة أبي بكر ثم عهد عمر حتى استشهاده في نهاية العمل.
وعن أهم المصادر التي تم الاعتماد عليها في الكتابة، قال سيف “أرسم سير الأحداث من خلال كتب السير والمصادر التاريخية القديمة التي تناولت الفترة أو تخصصت في سيرة عمر، علما بأن العمل درامي يستعمل المعلومات التاريخية لتقديم العمل من كل جوانبه وفي قالب درامي، ولكن دون الإخلال بالسياق التاريخي في سيرة الشخصية”، مبينا أنه استغرق نحو ستة أشهر في التحضير للنص وكتاباته.
ورفض سيف الحديث عن قضية تجسيد أدوار الصحابة، مشددا على أن هذه القضية ليست من مسؤوليته أو تخصصه، وأن العمل متروك برمته للجهة الإنتاجية والعلماء لتحديد ذلك.
المخرج : اللجنة الشرعية شاهدت العمل بعد التصوير
أكد مخرج المسلسل السوري حاتم علي أنه تم عرض العمل على اللجنة الشرعية للمسلسل، مشيراً إلى أن العمل أجيز منهم نصا قبل التصوير، ومن ثم بعد الانتهاء من تصويره، تم عرضه عليهم لأخذ الإجازة النهائية، مضيفا “كلنا ثقة في اللجنة الشرعية في أن يظهر العمل مستكملا أدواته الفنية وضمن الضوابط الشرعية”.
ورفض علي في حديثه لـ”الشرق” القول إن العمل خضع لتعديل بعد إبداء الملاحظات عليه من قبل اللجنة الشرعية، وقال “نحن نعيش في القرن الـ21، وهو قرن الإنترنت والصورة، وشهد فتوحات جديدة فيما يتعلق بوسائل الاتصال، ونحن نحاول استخدام هذه الوسائل لإيصال رسالة الإسلام الحقيقي”.
وعن الهجوم الذي تعرض له العمل، بين علي أن الفيلم العالمي “الرسالة” تعرض لأذى كبير، ومنع من العرض، ولكن بعدما عرض، ووضح أثره في نشر رسالة الإسلام، ووجد قبولا واسعا. وقال “من حقنا، كمسلمين، استغلال وتطويع التقنيات الحديثة لخدمة الدعوة الإسلامية”، مشددا على أنهم في العمل استغلوا هذه التقنيات الحديثة لإيصال رسالة عن شخصية عظيمة نحن في أشد الحاجة في هذه الأيام للتعرف عليها”. وأشار علي إلى أن الفاروق عمر بن الخطاب شخصية مفصلية ومهمة في التاريخ الإسلامي، فهي تجمع شخصية دعوة، ودولة تجمع الحكمة والعدل والرشد، مؤكدا أن شخصية الفاروق عظمية، ونحتاج، كمسلمين، إلى التعرف عليها، وبث قيمها من خلال الدراما التي تعد اليوم أكثر تأثيرا من أي شخص آخر. وعن توقف العمل والفترة الزمنية التي استغرقها التصوير، بين علي أن المشروع بشكل كامل استغرق عامين كتابة وتصويرا وإنتاجا، مشدداً على أن في العمل ليس مهما ضخامة الإنتاج، وما صرف عليه، والفترة الزمنية التي استغرقها للظهور بهذه الصورة، لكن الأهم هو تأثير العمل في المجتمع، مؤكدا أنهم تحروا الدقة والموضوعية في العمل، وابتعدوا عن الأخطاء، وأن العمل أقرب للواقع، وبذل عليه جهد كبير، ليظهر شخصية الفاروق كما هي، بقيمتها وعظمتها. وأوضح أن التصوير جرى في ثلاث دول، هي سوريا وتونس والمغرب، نافيا أن تكون المغرب اعترضت على تصوير العمل في أراضيها، كما رفض الجزم بظهور الخلفاء الراشدين من عدمهم، قائلا “أتحفظ على الإجابة”. ووجه المخرج حاتم علي رسالة إلى المطالبين بإيقاف العمل ومنعه، مطالبا إياهم بالصبر ومشاهدة العمل قبل الحكم عليه، وإطلاق التهم جزافا، متمنيا أن ينعكس الجهد المبذول في العمل على الصور النهائية له.
مصدر في «إم بي سي» لـ الشرق: عرض مسلسل “الفاروق” فيه مصلحة للمسلمين جميعاً
في ظل انقسام الآراء حول عرض مسلسل الفاروق الذي يحاكي سيرة ثاني الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – حصلت “الشرق” على تصريح من مصدر مسؤول في مجموعة «إم بي سي» حول المسلسل وعرضه وموقفهم من ردة فعل الشارع . و أشار المصدر لعدة أسباب أوصلت مسلسل الفاروق للعالمية على حد قوله، الأول لأن العمل يدور حول شخصية أحد الخلفاء الراشدين وأحد المؤثرين في التاريخ الإسلامي وأحد رموز الدين الإسلامي الحنيف، والثاني لأن ميزانية المسلسل تعد أكبر ميزانية إنتاج على مستوى العالم العربي، وهو عمل مشترك بين أكبر مجموعتين إعلاميتين في الشرق الأوسط مجموعة أم بي سي ومؤسسة قطر للإعلام.
وفي السياق ذاته تحدث المصدر عن أن قوة العمل ومصداقيته ثبتت في لجنة العلماء المشرفة على العمل التي دخلت في الوقائع التاريخية وأشرفت على التفاصيل الدقيقة في العمل وأوضح المصدر أن اختيار لجنة التدقيق كان مع الإعلان عن المسلسل واتضح أن عددا من العلماء المهتمين بظهور مسلسل الفاروق عندها قمنا بطرح أسماء لمؤسسة قطر للإعلام وهم قاموا بالمثل وتم الاتفاق على أعضاء اللجنة المدققة على المسلسل.
وأشار المصدر إلى أن تهافت قنوات العالم لعرضه في قنواتها يعد إثباتا إضافية لمصداقية العمل وقوته، فالمجموعة أبرمت اتفاقات عدة منها عرض المسلسل على قناة تركية، وأبرمت أيضا تعاقدها مع قناة إندونيسية، وفي طريقها أيضا لإبرام عدة عقود أخرى مع قناة ماليزية، هذا بالإضافة إلى تعاقدنا مع عدة قنوات في أوروبا لعرض المسلسل مدبلجا باللغة الإنجليزية وعرضه في فرنسا وبعض الدول الأخرى باللغة الفرنسية . من جانب آخر أشار المصدر إلى ما أشيع عبر الشبكات الاجتماعية حول إيقاف المسلسل المصوتّين برفض عرضه لمليون مصوت، مؤكدا أنه خبر عار من الصحة، رافضا التعليق عنه.
واختتم المصدر حديثه مؤكدا أن عرض مسلسل الفاروق فيه مصلحة عامة للمسلمين والعرب ليعرف العالم شخصية هذا الرجل وحكمته وما قدمه للعالم أجمع.
صحيفة الشرق السعودية الإلكترونية