لماذا نرى مسلسلات تلفزيونية أمريكية تمتد لعدة أجزاء طويلة وتظل قوية ومتماسكة في حين أن أغلب المسلسلات العربية ذات الأجزاء المتعددة لا تستطيع الاستمرار في بنفس القوة والامتداد ؟ . ربما يجب أن تكون المقارنة على عدة مستويات بدءاً من النص وانتهاء بالصناعة نفسها. ولو تحدثنا عن النص فسنجد أن طريقة العمل على النص وتركيبته واختلافها في الحالتين لها أثرها على الصناعة نفسها.
أولاً عند كتابة نصٍ لمسلسل غربي يكون هناك من يسمى صانع المسلسل (Show Creator)، وهو الشخص الذي يقترح فكرة المسلسل ويحدد عالم العمل ومضمونه وطبيعته سواء كان درامياً أو كوميدياً أو غيره وذا حلقات منفصلة أو متصلة؛ وفي الغالب يكون هو من يكتب الحلقة الأولى التي على أساسها تقرر الجهة المنتجة إنتاج العمل من عدمه، ولكن قبل كل ذلك هناك خطوة أساسية وهامة هي كتابة الشخصيات.
يعتمد العمل التلفزيوني اعتماداً كلياً على الشخصيات لأنها هي من يربط المشاهد بالعمل، ولذلك فمن أهم الأمور التي يعول عليها صناع المسلسل هو دراسة شخصيات المسلسل الرئيسية دراسة تامة وكتابة كافة تفاصيلها. هذه المسألة تسهل فيما بعد على فريق الكتاب أن يفهموا الشخصيات بحيث يكون هناك اتفاق وفهم كامل للشخصية ثم هناك أيضاً فهم واستيعاب تام فيما بعد لمن سيؤدي دور الشخصية لأبعادها ومواصفاتها النفسية والعقلية والاجتماعية. وهذا الفهم للشخصية يخلق إمكانية استدرار الكثير من الحكايات، وهي حكايات متسقة مع الطابع الأساسي للشخصية والتحولات التي يمكن أن تمر بها هذه الشخصية. وهذا فارق أساسي في صناعة المسلسلات الغربية والمسلسلات العربية.
ليس فقط خلق الشخصيات ولكن التضاد والاختلاف بين الشخصيات الذي يجعلنا نفهمها أكثر فلو أخذنا مسلسل (أصدقاء- Friends) على سبيل المثال فرغم أن الشخصيات كوميدية لكن لكل منها مواصفات نفسية خاصة تجعلنا نتعاطف معها ونتقبل غرابتها ومنطقها، بل إن الممثل يصبح الشخصية إلى حد كبير ولذلك فقد لا يقبله الجمهور إذا أصبح شخصية أخرى في مسلسل آخر. نحن نذكر من المسلسل شخصياته فهي الجاذب الأول وهي ما يعلق في الذاكرة في آخر الأمر، وهذا للأسف ليس معمولاً به في الدراما العربية على اختلاف أنواعها .
بقلم : هناء العمير | صحيفة الرياض السعودية الإلكترونية