تعتمد الدراما منذ بداية ظهورها على القصة والحبكة القصصية و«الحدوتة» التي يقوم عليها العمل الدرامي سواء كان سينما أو مسلسل أو سهرة تلفزيونية، وبقدر ما تكون هذه الحدوتة جديدة وقصتها لم تقدم من قبل، تحقق نجاحا وتكون مقبولة عند الجماهير .
لذلك ينتظر الجمهور سنة بعد سنة ما ستقدمه لهم الدراما الكويتية، معتمدين على حس المنتجين والفنانين والنجوم في البحث عن الجديد فيما يقدمونه لهم، وهكذا يجب أن يكون الوضع في العمل التلفزيوني الدرامي، فالمكرر لن يكون له حظوة أو نجاحا أو قبولا عند الجمهور، بل إنهم سينتقدونه ويصبون جام الغضب عليه.. حتى لو كان جيدا ومتقنا.
ولأن شهر رمضان المبارك على الأبواب، فالجمهور ينتظر الآن ماذا سيقدم له المنتجون والفنانون والفضائيات من أعمال درامية يتوقعون أن تكون جديدة وغريبة عليهم، لكن باستعراض سريع لملخصات المسلسلات التي ستعرض في الشهر الفضيل، لا يوجد هناك ما يمكن أن يقال عنه «جديد» في عالم الدراما.
على قائمة العرض في الشهر الكريم أكثر من 25 مسلسلا تقريبا هي كالتالي:
– «مجموعة انسان» – سعد الفرج
– «حبر العيون» – حياة الفهد
– «خوات دنيا» – سعاد عبدالله
– «ريح الشمال3» – محمد المنصور
– «دلع ولع» – محمد المنصور
– «عجب» – احمد جوهر
– «الواد مشعل» – داوود حسين
– «الفلتة 2» – طارق العلي
– «الحرمان» – عبد العزيز المسلم
– «كنة الشام والشامية» – مريم الصالح وعبد الرحمن العقل
– «حلفت عمري» – هدى حسين
– «خادمة القوم» – هدى حسين
– طامراة تبحث عن المغفرة» – غانم السليطي
– «طالع نازل» – عبد الله السدحان
– «طماشة» – جابر النغموش
– «سكتم بكتم 3» – فايز المالكي
– «لولو ومرجان» – سعد البوعينين وعبدالله ملك
– «عمر ثاني» – عبد الرحمن العقل وزهرة عرفات
– «الحلال والحرام» – عبد العزيز الجاسم وغازي حسين
– «شارع تسعين» – جاسم النبهان وباسمة حماده
– «ساهر الليل3» – جاسم النبهان وباسمة حماده
– «هجر الحبيب» – صلاح الملا والهام الفضالة
– «سنة اولى جامعة» – مجموعة بنات
– «ملحق بنات» – مجموعة بنات
– «مطلقات صغيرات» – مجموعة بنات
ثلاثة محاور فقط
بالرغم من هذا العدد الكبير بالنسبة للعرض في شهر واحد، فإنه لا يوجد شيء جديد فيه يمكن أن يصنف على أنه نقلة جديدة في عالم الدراما الخليجية، فالأعمال كلها تدور في ثلاثة محاور فقط تندرج في سياق واحد فقط، فغالبية المسلسلات تتحدث عن الخلافات العائلية الأسرية التي تقع عادة بين الأقارب، ويدفع الأبناء أو أبناء العم والخال ثمنها.. ثلاث أسر تدور حولها كل المشاكل التي تقع في المسلسل، ورائد هذا المحور سعاد عبدالله وحياة الفهد، ففي عملها «خوات دنيا» تقدم سعاد القصص نفسها التي قدمتها في الأعوام السابقة مثل «فضة قلبها أبيض» أو «زوارة خميس»، كذلك تقدم حياة الفهد القصص ذاتها التي قدمتها في الأعوام السابقة وغالبيتها تصور في الإمارات.
كواليس «الحرملك»
أما المحور الثاني فهو محور أعمال النساء التي تدور حول قصص المرأة وما يقع عليها من ظلم، وما يدور في كواليس «الحرملك» إذا جاز لنا التعبير أو غرف البنات المغلقة، وأسلوب حياتهن الذي كان في السابق غامضا بالنسبة للجمهور. وسيدة هذا المحور هي الكاتبة هبة حمادة التي قدمت خلال الأعوام السابقة عدة أعمال كلها في هذا المجال، كان آخرها مسلسل «بوكريم في رقبته سبع حريم» يدور العمل كله على مجموعة من البنات فقط.
والمحور الثالث هو الكوميديا أو مسلسلات «السندويتش» وبطلها داود حسين وطارق العلي، وتكثر هذه الأعمال في السعودية، مثل «طاش ما طاش» وغيرها، وفيها يعتمد النجوم على قدرتهم على المواقف الكثيرة التي يقعون فيها وسط طرائف وكوميديا، وتكون هذه الأعمال عادة خفيفة وسريعة توصف بأنها سندويتش خفيفة بعد الإفطار.
سياق واحد
كل هذه المحاور تدور في سياق واحد هو السياق الاجتماعي، لا تخرج منه، فكل الأعمال الدرامية التي رأيناها من عشر سنوات مضت إلى اليوم وإلى رمضان القادم، كلها تدور في هذه المحاور فقط لم تستطع أن تخرج منه.
كنت أتوقع أن تستفيد الدراما الخليجية من توقف الدراما المصرية والسورية هذا العام بسبب الأحداث التي يمر بها البلدان، فتنوع القصص والمواضيع وتقتحم مجالات جديدة تختلف عن المجالات التي تقدم كل عام، بحيث يمكن استغلال الكتاب والفنانين المصريين والسوريين للمشاركة والمساهمة في الأعمال الخليجية، لكن لم يتم هذا، وظلت الدراما الخليجية تدور في السياق نفسه التي تدور فيه.
مشاكل غائبة
تتجاوز ميزانية الأعمال الخليجية لشهر رمضان فقط 30 مليون دولار، لنتخيل أن هذا المبلغ الكبير لم ينجح في تطوير الدراما الخليجية ويدفع بها لفتح ملفات جديدة يمكن أن يستفيد منها الجمهور، بحيث تجدد القصص التي تقدمها للمشاهد من جهة، وتفتح له فرصة للتعرف على جوانب جديدة من جهة أخرى، فحتى الآن لم تقدم لنا الدراما الخليجية المشاكل السياسية بالرغم من وجودها في منطقة الخليج، ولم تعد الأمور سرية كما كانت في السابق، ولم تقدم قصصا من عالم الاقتصاد مع أنها قصص شيقة ويتابعها الكثيرون، وفي الخليج حدثت الكثير من القصص التي تستحق أن تقدم للمشاهد مثل «سوق المناخ» وتراجع الأسهم الخليجية وتأثر الأسرة الخليجية بها.
ولم تقدم الدراما قصص القتل والانتحار وقتل البنات على وجه الخصوص، وهي القصص الخاصة بملفات الشرطة ووزارة الداخلية، مع أنها لم تعد سرا كما كانت في السابق.
كل هذه محاور يمكن الاستفادة منها بتوليفة قصصية جيدة ومتينة لتقديم رؤية درامية جديدة للمشاهد الخليجي الذي مل من تكرار القصص الاجتماعية و«سوالف البنات الخاصة» وملابس البيت، وما يحدث في مدارس البنات وسكن الطالبات ودور الأيتام.
يمكننا أن نستبق الأحداث ونحكم على الدراما الخليجية التي ستقدم في رمضان المقبل بأنها لن تقدم جديدا، فكلها تدور في المحاور نفسها وتحت السياق نفسه الذي تدور فيه منذ ثلاثين سنة .
صحيفة القبس الكويتية الإلكترونية