منذ نحو عامين مضيا سمعت بأن مجموعة من رجال الأعمال يخططون لإطلاق أول قناة سعودية للمرأة فوسوس لي شيطاني اللعين قائلاً : ولِمَ لا تكون السيدات هن أصحاب المبادرة ! ؟ ما علينا , دارت الأيام وفتحت قنوات وأغلقت أخرى وما زالت قناة المرأة تتلمس خطاها لتصل إلى طريق البداية حتى تلقيت دعوة قبل أيام لحضور حفل تدشين القناة في رمضان ففرحت كثيراً ودعوت لهم بالتوفيق, وفي يوم الحفل حضرت وتشرفت بلقاء الكثير من الأحبة في قاعة كبرى أجزم أن الحضور كان كثيفاً لدرجة أنني كنت لا أرى مقعداً شاغراً بعد أن جلست بلحظات, وما هي إلا ثوانٍ وبدأ شيطاني اللعين يوسوس لي مرة أخرى بأن أوجه بصري نحو ذلك البارتيشن العملاق الذي يفصل القاعة ويقصها إلى نصفين متعادلين في نصفه الأيمن نجلس نحن الأشناب!، ونصفه الأيسر بالتأكيد سيكون مكان النساء, همس لي الشيطان قائلاً: كيف يكون الحفل للمرأة وأغلب الحضور رجال؟، ثم عاجلني بسؤال أشد شيطنة وقال انظر إلى السيدة التي تستعد لتقديم الحفل! وفعلاً نظرت نحو المنصة فرأيت إعلامية شهيرة تستعد لإدارة فقرات الحفل وتقديمه, بدأ الحفل وكله كلمات تشيد بالمرأة وتندد بمن يجعلها في خانة الطبخ والطفل والديكور والأسرة!، ثم صعدت مدير القناة وألقت كلمتها، وبعدها سيدة أخرى قالت كلمتها!، كل هذا يحدث وشيطاني اللعين يستمر في وسوسته وأسئلته البريئة قائلاً لي: تخيل أن هذه القناة فصلت الرجال عن النساء في حفل الافتتاح لكن ستظهر المرأة في نفس القناة! فهل ستظهر وبينها وبين المشاهدين من الرجال بارتيشن!؟، ثم سدد لي شيطاني 3 عبارات أصابتني بالشلل قائلاً: أولاً: قناة اسمها المرأة يديرها ويملكها رجال، وثانياً: ممنوع الاختلاط في الحفل لكن من تقدم الحفل سيدة! وثالثاً: بارتيشن طوله متران في القاعة لكن عند بوابة الخروج يلتقي الجنسان!، بعد كل هذه المتناقضات التي صادفتها في مكانٍ واحد، وفي حفل واحد، وفي مجال واحد، ازددت يقيناً أننا شعبٌ متناقض لا تملك الشجاعة أن نواجه العادات والتقاليد بقوة رغم بعض المحاولات الخجولة!.
قبل الختام وحتى لا يكون هذا المقال سوداوياً كان لا بد أن أُشيد بخطوة جريئة وجميلة وهي أن المنظمين كانوا قد بدؤوا مراسم الاحتفال بآياتٍ من القرآن الكريم لكن المفاجأة هذه المرة أن صوت القراءة كان صوتاً أُنثوياً !
بقلم : بسام فتيني | صحيفة المواطن السعودية الإلكترونية