كنت قد طرحت في مقال سابق فكرة أن تتم تكتلات بين مؤسسات الإنتاج المحلي لتكوين كيانات إنتاجية كبيرة تجد فيها هيئة الإذاعة والتلفزيون الملاذ لإنتاج سعودي متميز يثري الشاشة المحلية وينقلنا إلى الشاشات العربية شأننا شأن الإنتاج المصري والسوري والكويتي والإماراتي بحيث نتحول من شاشات مستوردة إلى شاشات مصدرة ولعلي هنا أطرح تصوراً لتطوير أحد أهم مكونات العمل المتميز وهو النص ولعل الهيئة في المنظور القريب تتبنى فكرة استقبال النصوص من الكتاب والرواة مباشرة بحيث تختار أجودها بعد الاطلاع على ملخصاتها وتكلفهم بعد ذلك بكتابة السيناريو والحوار لها وتجهيزها للدخول إلى مرحلة التنفيذ وعندها يمكن للمنتج المنفذ أن يتقدم بعرضه لإنتاج تلك النصوص لصالح الهيئة والتي ستكلف من تراه مناسباً للتنفيذ من حيث قوة الأسماء المرشحة للعمل وبقية الطاقم الإخراجي والتنفيذي وخبرات المنتج السابقة .
لماذا هذه الفكرة ؟ لأنها ستفتح الباب أمام إبداعات عدد كبير من الكتاب فنحن عندما نتابع أعمال المنتجين في السنوات الأخيرة نرى أنها تقتصر على أسماء محددة ويكاد كل منتج أن يكرر نفس الأسماء التي يتعاون معها ولهذا لا تجد أقلام واعدة فرصتها للوصول للشاشة .
إن تبني الهيئة لاستقبال النصوص يحتاج ولا شك إلى جهد خاص ولكنه في نهاية المطاف سيحقق خطوة كبرى لتطوير الإنتاج فالنص هو أساس أي عمل فني ولأننا نفتقر إلى وجود متخصصين في كتابة السيناريو والحوار فان الهيئة وبالتعاون مع جمعية الثقافة والفنون ستبذلان جهودا في إقامة ورش خاصة للسيناريو والحوار ودورات تدريبية وهذا الأمر سيسمح لكل مبدع أن يشارك وسيسمح بإيجاد قاعدة للتعاون الجماعي لكتابة نص متميز فقد يشترك أكثر من اسم في تكوين ورش للكتابة أما الأمر الأهم فإن النص سيكون بمثابة كراسة الشروط والمواصفات التي يلتزم بها المنتج المنفذ فهو في وضعه الراهن يتحكم في النص كيفما يشاء وخصوصا إذا كان المنتج هو بطل العمل فكم من نص كتب بشكل جديد ونفذ بطريقة (خذ الفكرة من النص وارتجل) وخصوصاً في الأعمال الكوميدية التي يغلب عليها طابع المؤلف البطل ولهذا خرجت علينا أعمال باهتة ولا اعلم بوجود التزام بالنص إلا في حالة المنتج غير الممثل هذا إذا استطاع أن يلزم المخرج بضرورة أن يكون النص هو الأساس فالخروج عن النص قد يقبل في المسرح ولكنه شرط في العمل الدرامي .
اعلم أن الهيئة لا تستطيع الانتقال إلى هذا الشكل في كامل أعمالها ولكن لو كانت البداية في عملين أو ثلاثة كنموذج ستكتشف من خلاله أنها قد منحت فرصة لمبدعين لا يصلون إلى مؤسسات الإنتاج المحلية بل إنها ستحقق قفزة في تطوير نصوص المنتجين أنفسهم لأنهم عندما يستشعرون وجود المنافسة سيواكبون هذا الأمر فيجودون في نصوصهم فهي فرصتهم الوحيدة للحصول على تكليفات في حالة إخفاقهم في تنفيذ النصوص التي تكفلت الهيئة بتبنيها, ولعلي أذكر هنا أن التلفزيون المصري كان يتعاقد مع الكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة لكتابة النصوص قبل الدخول في مرحلة من سينفذ الإنتاج, فالأساس هو النص والعمل الممتاز لا يأتي إلا من نص ممتاز .
بقلم : ماضي الماضي | صحيفة الرياض السعودية الإلكترونية