اليوم تحول السؤال من ما هي قناتك المفضلة إلى ما هي شاشتك المفضلة؟ وهي هنا إما أن تكون شاشة تلفزيونية أو شاشة هاتفك المحمول أو شاشة جهاز الحاسوب.. أما الأسئلة الأخرى التي أود أن اطرحها عليك فهي كم من الوقت تمضي يوميا مع شاشتك المفضلة وما الذي يشدك في هذه الشاشة وهل أنت ممن يقرأ ويشاهد فقط أم أنك ممن يقرأ ويشاهد ويعلق أو لعلك ممن يقرأ ويشاهد ويشارك؟
لو استطاع أي فرد منا الحصول على إجابات من 100 شخص فسيخرج علينا قائلًا انه قد قام بدراسة عن اتجاهات المشاهدين واهتماماتهم أما الحقيقة فإن 100 أو 1000 شخص لن يمنحونا إلا معلومة بسيطة ولكن الدراسة تحتاج إلى قواعد مختلفة تخضع إلى الفئات السنية وعلاقة الشخص بالتقنية وتوفر وسائل الاتصال بشبكات المعلومات لهم والمناطق الجغرافية للنماذج المختارة وغيرها كثير وهذه عادة لا تحققها إلا بيوت متخصصة في الدراسات أو مراكز للأبحاث وتقوم بعملها بناء على طلب من جهات معنية تحتاج إلى معرفة نتائج الدراسة وتقوم بتمويلها وهنا مربط الفرس.
فنحن كما هو معلوم من اقل الدول في الإنفاق على الدراسات والأبحاث وهذا الأمر يتكرر الحديث عنه في أي ملتقى سواء كان اقتصادياً أو زراعياً أو تعليمياً أو صحياً والحال ينطبق على الإعلام وغياب الدراسات والأبحاث يكلفنا الكثير من الهدر المالي وهنا يلقى اللوم بشكل كبير على الكثير من الجهات المختصة وجامعاتنا والتي يفترض أن يكون لها دور في الإنفاق على الدراسات والبحث في شتى المجالات ومنها الإعلامي والتي على ضوؤها ستتمكن الجهات الإعلامية والإعلانية التخطيط للتواجد الأكبر في الوسائل الإعلامية الأقرب للمشاهد فأنت قد تنفق عشرة ملايين لإنتاج مسلسل قد يصل إلى مليون مشاهد ولا يحقق أي هدف بينما قد تنفق ملاليم لإنتاج مقطع يوتيوب ويشاهده عشرات الملايين ويحقق الهدف المنشود وهنا تكمن الحاجة إلى الدراسات التي تعين على التخطيط. فمن يقول مثلاً : إن الكوميديا التهريجية سلعة مطلوبة؟ ومن يؤكد أن الدراما التي مازالت تناقش القضايا الموجهة لنسبة محدودة من المجتمع متجاهلة اهتمامات الغالبية الكبرى من أفراد المجتمع هي المتابعة أضف إلى هذا ما نحتاجه من دراسات في دور وسائل الإعلام في التوعية وخصوصا في القضايا المهمة كرفع الحس الوطني والوقاية من المخدرات ووسائل السلامة والصحة والتعليم وغيرها كثير والتي يمكن أن تغير نظرة المجتمع إلى الكثير من الأمور ولو أخذنا على سبيل المثال برنامج الوقاية والحد من المخالفات المرورية ساهر الذي تحول في نظر المجتمع (في غياب الإعلام التوعوي) من برنامج وقاية إلى برنامج جباية وأصبح مكروهاً من كل أفراد المجتمع ولهم الحق في بعض تطبيقات قوانينه ولكنهم ليس الحق في إلغائه فمن أمن العقوبة أساء الأدب وفي القيادة من امن العقوبة قتل البشر.
الإعلام شأنه شأن أي قطاع آخر يحتاج إلى الأبحاث والدراسات لكي يوجه ميزانياته الوجهة الصحيحة التي تنعكس على مصلحة الفرد والمجتمع أما الاجتهادات فلن تحقق لنا أي تقدم لأنها تعتمد على نظرة محدودة أو انطباعات شخصية والقرار غير المدروس مضيعة “للفلوس”..
باختصار قدموا دراسات لتحصدوا نتائج..
بقلم : ماضي الماضي | صحيفة الرياض السعودية الإلكترونية