تجري هذه الأيام محاولات جادة من قبل قناة كبيرة لإعادة “طاش ما طاش” تحت مسمى “طاش بلس” أو مسمى آخر قريب من ذلك، ومن بطولة النجوم السابقين ل”طاش” باستثناء ناصر القصبي، يتقدمهم عبدالله السدحان وفهد الحيان وعبدالله السناني وغيرهم من الوجوه التي عرفها الجمهور في أشهر سلسلة تلفزيونية سعودية .
المشروع لا يزال في طور الفكرة أو الرغبة، وقد بدأت خطوطه الرئيسية تتضح بالنسبة للقائمين على القناة، ولو تم تنفيذه فعلاً وعُرض مثلما هو مخطط له في رمضان المقبل فسيكون الضربة الدرامية الأقوى والخطوة الأذكى التي تخطوها هذه القناة منذ سنوات، خاصة وأن هناك حرصا شديدا على أن تظهر النسخة الجديدة بذات الأسلوب المعروف عن “طاش” وبنفس روحه الشعبية الاجتماعية .
خطوة كهذه تحتاجها الدراما السعودية التي عانت في الثلاث سنوات الماضية من حالة “موات” وهزال فني كبير، وتكمن قيمتها -أو فائدتها- في كونها ستجمع عدداً كبيراً من النجوم في عمل واحد بعد أن تفرقوا لسنوات في أعمال مستقلة. هذه الفرقة كانت من أهم أسباب هبوط المسلسلات السعودية، فبعد أن كان القصبي والسدحان وعبدالإله السناني والطويان في عمل واحد، يقابلهم حسن عسيري وفايز المالكي وراشد الشمراني في عمل آخر، وبعد أن كان نجوم الغربية يجتمعون في عمل ونجوم الشرقية في عمل ثان، تفرق هؤلاء وتشتتوا وأصبح لكل واحد منهم مسلسل خاص ينفرد ببطولته المطلقة.
أخطأت القنوات في السنوات الماضية عندما اعتقدت أن “النجم الأوحد” قادر على النهوض بمسلسل لوحده. ذهب فهد الحيان للانفراد ببطولة مسلسل “غشمشم” فتبعه فايز المالكي في “سكتم بكتم” وحسن عسيري في “كلام الناس” ثم عبدالله السدحان في “طالع نازل”، كل واحد منهم انفرد بالبطولة واضطر للجوء إلى ممثلي الكومبارس لسد الفراغ المحيط بالبطل الوحيد. لم يدرك هؤلاء ولا القنوات من خلفهم أن من أسباب نجاح المسلسلات القديمة قوة طاقم التمثيل بدءاً من الأبطال وانتهاء بالشخصيات الثانوية.
في “طاش” كانت البطولة للسدحان والقصبي لكنهما كانا محاطين بممثلين لا يقلون موهبة مثل محمد العيسى وعبدالعزيز الحماد ومحمد الطويان وراشد الشمراني وفهد الحيان، حتى ممثلي الأدوار الهامشية كانوا متميزين، مثل السكيرين والعبيد والسناني والمبدل والركف وغيرهم. كان طاقم التمثيل المميز من عوامل قوة العمل، وهذا نجده جلياً أيضاً في مسلسلات عامر الحمود القديمة -العولمة وأبو رويشد- وفي سلسلة “بيني وبينك” أيضاً.
عندما يكون طاقم التمثيل مميزاً بكل عناصره وفئاته الكبيرة والصغيرة، فالفرص لتقديم عمل جيد تكون أكبر وذلك لأن اجتماع النجوم سيخلق مناخاً فنياً صحياً بإمكانه تصحيح حال السيناريو وتصويبه فيما لو كان هشاً وضعيفاً. كما أن وفرة الممثلين الجيدين في العمل تعني أنه حتى الأدوار الصغيرة ستكون مشغولة بممثلين قادرين على النهوض بأدوارهم على أكمل وجه، والنهوض -بالتالي- بالعمل ككل.
المسلسل الجيد ليس البطل فقط، ولا المحيطين به، بل هو مزيج من العناصر تتظافر مع بعضها لتصنع في النهاية عملاً جيداً. والتمثيل -الكومبارس خاصة- أحد العناصر المهمة التي يؤدي اختلالها إلى اختلال العمل كله.
لقد شهدنا في السنوات الثلاث الماضية تشظي الممثلين وتشتتهم بسبب كثرة المسلسلات المنتجة والتي لابد من ملئها بالممثلين حتى لو كانوا عديمي الموهبة، بل إننا رأينا في رمضان الماضي ممثلين رديئين يقومون بدور البطولة المطلقة، وهذه نتيجة طبيعية لإصرار القنوات على تعميد “نجم واحد” فقط للقيام بكل شيء في مسلسله.
إن الساحة الدرامية السعودية لا تزال فقيرة إنتاجياً وتعاني شحاً في عدد الكوادر المؤهلة، خاصة الممثلين، وهي بالتأكيد لا تحتمل إنتاج أكثر من ثلاث مسلسلات جيدة في العام الواحد، وأي زيادة على هذا العدد تعني الاضطرار لممثلين سيئين لسد الفراغ كما هو حاصل الآن. لهذا كله نقول إن خطوة القناة لجمع نجوم الكوميديا في عمل واحد بمسمى “طاش بلس” تعني العودة إلى الطريق الصحيح .
ما نتمناه هو أن يتم تنفيذ العمل فعلاً وأن ينجح ويكون سبباً في إقناع المنتجين ومدراء القنوات بأن فكرة تعميد نجم واحد ليقوم بدور البطولة المطلقة مع حفنة من الممثلين الكومبارس السيئين لن تثمر عن مسلسل جيد. وإذا أرادوا إنتاج عمل ناجح فهذه الوصفة السحرية للنجاح: قلل من إنتاجك واحصره في مسلسل واحد يضم أكبر عدد من النجوم .
بقلم : رجا ساير المطيري | صحيفة الرياض السعودية