تعود الفضائيات في مثل هذه الايام لتدخل حلبة المنافسة بجديدها الحصري والذي تعده خصيصا لشهر رمضان المبارك وفي كل عام تختلف في عودتها وتنزل نحو انهيار القيم الفنية والأخلاقية أكثر فأكثر في سباق مجنون لتقديم أسوأ ما لديها غالبا وأفضل ما لديها نادرا وفضائيات العالم العربي اليوم تشهد انحطاطا وسقوطا مؤلما يتجلى هذا السقوط في الشهر الفضيل فالبرامج ماعادت تلك البرامج الخفيفة الجميلة التي استأنسنافي الماضي والكوميديا لم تعد كوميديا الضحك الجميل والبريء بل حلت محلها كوميديا الإهانة والاستفزاز والوقاحة في أغلب الأحيان اختفت برامج المسابقات الهادفة لتزدهر بدلا عنها سوق الراقصات في فوازير التعري والانحطاط. صرنا نخاف على أبنائنا وبناتنا من متابعة المسلسلات التي جاء إنتاجها خصيصا لهذا الشهر لما فيها من تقليد وتشويه وأفكار مسمومة فالمتتبع لمسلسلات رمضان في الفضائيات العربية يجد أن الفكرة في أصل العمل الفني هي فكرة واحدة تتمحور حول مشاكل الأسرة من خلال الطرح لبعض القضايا التي ينبذها المجتمع لذا فهي تركز على مشاهد لا تتناسب وقدسية الشهر الفضيل وطبيعة الأسرة والمجتمع المتمسك بعاداته وتقاليده الجميلة. أغلب الأعمال الفنية التي تعرض في رمضان للأسف لا ترتقي لطبيعة الشهر الفضيل وطقوسه وعباداته ورغم أن العالم العربي يمر في مرحلة تغيير جذرية لكن ما نجده أن الفضائيات العربية هي الوحيدة التي لا تتغير في الواقع العربي ولا تواكب أحداثه ولا حتى تراعي مشاعر الشعوب حيث تواصل طرح كل ما هو مبتذل من أفكار رخيصة مدفوعة الثمن في محاولة لتفريغ هذا الشهر من قدسيته وكرامته وبث الأفكار الخاطئة التي تضر بالأسرة بالدرجة الأولى حتى الاعلانات التجارية التي تتخلل المسلسلات لم تسلم من المجون والابتذال فكأنما تكون المنافسة على الاكثر اثارة وانحطاطا وبكل وقاحة وجرأة في اقتحامها لاجواء الشهر الفضيل وحتى الأعمال التاريخية لم تسلم من هذا السقوط فجاءت لتجسد للمشاهد ولعامة الناس شخصيات العظماء الذين لا يشبههم أحد. اقول ذلك وكلي ثقة بأن رمضان هذا العام لن يختلف عن السابق ولن يتغير شيء ولن تعود القيم التي فقدناها لتفرض سيادتها من جديد. ربما نعم. وربما لا. ترى هل اصبحت سيء الظن كثير الافتراء؟ ربما .
بقلم : عيسى السويدي | صحيفة روافد الإلكترونية