رغم التطورات المتلاحقة للتليفزيون السعودي منذ تأسيسه عام 1965 م وحتى الآن, فانه لا يخرج عن إطار الرسمية في خطابه ورسائله الإعلامية باعتباره جهازا حكوميا تابعا للدولة، فنجد أن الخطاب المطروح يغلب عليه بث أخبار الدولة في كافة المجالات وخصوصا في ساعات الأخبار والتي يغلب عليها في صياغتها طابع وكالة الأنباء السعودية الرسمية التابعة لوزارة الثقافة والإعلام .
أعتقد أن مناسبة تاريخية فريدة بين دول العالم تحدث على أرض المملكة كل عام كمناسبة الحج وتواجد ملايين الحجاج من كافة بقاع العالم، من المفترض أن تستغل كحدث إعلامي وتقديمه بقالب خطابي مميز دون الاكتفاء بالبث المباشر والمتواصل “24 ساعة” على شاشات القنوات الحكومية واستضافة المشائخ والمسؤولين المباشرين لأعمال الحج وبث تسجيل ” التلبية ” المعتاد فقط !.
بالإمكان اختصار تلك الجهود عبر تقديم فيلم وثائقي سينمائي بعد انتهاء موسم الحج مباشرة أو خلال أيام الفريضة وعلى مستوى عال من المهنية والاحترافية لمدة لا تتجاوز نصف ساعة وبلغات متعددة ونشرها في وسائل الإعلام العالمية، حتى يتم تقديم الجهود المبذولة من المواطنين والحكومة بكافة قطاعاتها الأمنية والخدمية وشركات القطاع الخاص في تسهيل مهام أداء الفريضة للحاج، والتركيز على لغة الأرقام والإحصاءات وفنون الجرافيك والمؤثرات الصوتية.
مثل هذه الأعمال يفتقدها التلفزيون السعودي رغم الإمكانات المادية والبشرية والفنية التي يكتنزها والتي من المفترض ان تبني مع الجهات ذات العلاقة “خطابا إعلاميا” مميزاً للمملكة، من هنا نستغرب أن نشاهد قناة خاصة مثل العربية تنتج أفلاما وثائقية لقطاعات أمنية مثل سلاح الحدود والجمارك والدفاع المدني وغيرها بشكل احترافي ومميز صاحبها الكثير من التعليقات والإشادات من السعوديين والعرب عبر وسائل التواصل الاجتماعي..وتليفزيوننا حتى الآن لا ينفك من برنامج ” أمن وأمان ” الأسبوعي وغيرها من برامج العلاقات العامة الحكومية.
الخطاب الإعلامي لا يكون بناؤه على عاتق وسائل الإعلام فقط.!؟ وإنما من المفترض أن يتم بتحالف جهات حكومية مسؤولة – مهمة القائم بالاتصال – في كافة القطاعات ويكون الإعلام وسيلة ومنبراً لبث الخطاب وليس بناءه، بالتعاون مع أكاديميين ومتخصصين في مجالات علم النفس والتربية والعلوم السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية .
الخطاب الإعلامي الخارجي يحتاج في البدء بناؤه وتقوية أعمدته داخلياً ففي حال نجاح رسم سياسة عاملة لخطاب إعلامي محلي فسننجح في بناء خطابات دولية خارجية “إعلامية” تحمل مضامين وهوية وهيكلة وسياسة عامة .
رؤية : بندر الحمدان | صحيفة الرياض السعودية الإلكترونية