تخيل أنك قررت أن تقيم حفلاً تدعو له عددا كبيرا من الناس وهو الأمر الذي يجعلك تقف بنفسك على كل صغيرة وكبيرة حتى يكون الحفل لائقاً ولا يجد المدعوون أي نقص ولهذا تجند نفسك وأهل بيتك لكي تكون الأمور في أفضل حالاتها .
طيب لنفرض أن لديك حدثا هاما تود أن تدعو له عددا كبيرا من الإعلاميين والقنوات الفضائية فما الذي ستهتم به أليست القاعة التي ستحتضن المؤتمر وتجهيزاتها الأساسية من صوت وإضاءة وتوصيلات كهربائية لدعم معدات تصوير القنوات التلفزيونية .
ماذا لو كنت تعلم عن موعد هذا المؤتمر الصحفي قبله بستة أشهر حيث أبلغت بأنه سيعقد مؤتمر صحفي يضم مسئولين من وزارتي الداخلية و”العمل” للإعلان عن انتهاء مهلة التصحيح للعمالة المخلفة وحدد ذلك بالساعة السادسة من اليوم الأخير من العام 1434 وعقد المؤتمر في نفس ساعة انتهاء المهلة مما يوحي لنا بدقة متناهية في الموعد ولكن وأنت تعلم بكل هذا لم تكن مستعداً لاستضافة مؤتمر صحفي وأحرجت المضيف وأحرجت الضيوف وهم ملايين المشاهدين الذين يتابعون الحدث عبر قنوات فضائية مشاهدة “سأكتفي بذكر الإخبارية والعربية” .
كان الشكل الفني لهذا المؤتمر مؤسفاً؛ ميكرفونات لا تعمل عدا واحد كان بين الضيفين الأساسين أما القنوات التلفزيونية فكان المطلوب منها أن تخصص شخصا يتنقل أمام الشاشة لينقل الميكرفون من متحدث لآخر بل وصل الأمر لتبادل الكراسي بمعنى أن يطلب من الأستاذ فلان أن ينهض من مقعده ليجلس في المقعد الذي يجلس عليه المسؤول الرئيسي لمجرد أن المايكروفون الوحيد الذي يعمل كان أمامه وبعد أن ينتهي يعود إلى مقعده ويعود المسؤول إلى مقعده والمؤسف أن هذا الأمر في مؤتمر امتد لأكثر من الساعة وعدد من القنوات الفضائية تنقله على الهواء مباشرة وتتابعه الملايين. هنا نتساءل: أين إدارة الإعلام المكلفة بترتيب المؤتمر من التأكد من أن القاعة جاهزة تقنياً للنقل سواء للضيوف الذين يجلسون على المنصة أو عشرات الصحفيين الذين سيسألون ويحتاجون إلى لاقط صوت مسموع ؟ .
جامعاتنا تدرس الإعلام والعلاقات العامة وتقذف بخريجيها لسوق العمل ويتحول أخصائي العلاقات العامة إلى مسؤول عن ترتيب إسكان واستقبال الضيوف فقط أما الموضوع الأساسي وهو المحافظة على علاقة الجهة بالجهات الأخرى وبالجمهور وبالأخص المستفيدين من خدماتها وإبراز إنجازات تلك الجهة والسعي لكي تكون موضع رضا الجمهور عنها فهو أمر لا يحظى بأي اهتمام وعندما يقع الفأس في الرأس تبدأ الجهة في لوم إدارة العلاقات العامة فيها ولا تلوم نفسها لأنها حولتها إلى إدارة للخدمات تقوم بأعمال لا تخصها .
الأمر ينطبق على أقسام الإعلام في الكثير من الوزارات والهيئات الرسمية والتي ممكن أن تفشل في التحضير لمؤتمر صحفي باحترافية ومهنية ولهذا أعتقد أن على الجامعات التي قذفت بآلاف الخريجين لسوق العمل أن تعقد دورات وندوات للقطاعات والهيئات توضح لهم فيها ما هي مهام أقسام الإعلام والعلاقات العامة والفرق بينها وبين الخدمات العامة وكيف يمكن أن ترتقي هذه الأقسام بخدماتها إلى ما يتناسب مع مسؤولياتها حتى ولو كانت النتائج إنجاح مؤتمر صحفي تقنياً .
بقلم : ماضي الماضي | صحيفة الرياض السعودية الإلكترونية