في كل عام وعندما يأتي شهر رمضان الكريم تقدم لنا الشاشات المهتمة بالمشاهد السعودي ما تعتقد انها اعمال كوميدية تجعل الشخص منا يستلقى على ظهره من الضحك منذ ان يعود من صلاة المغرب ويبقى مبتهجا الى اليوم التالي ليأخذ الجرعة التالية ولهذا عندما ينتهي شهر رمضان وتتوقف هذه الجرعات الكوميدية يبدأ المشاهد بالشعور بالاكتئاب وربما يضطر الملايين منهم لمراجعة المستشفيات للخروج من هذه الازمة فتكون الاجابة ( عليكم بالصبر ) حتى يأتي رمضان العام القادم لنقدم لكم الجديد ولكن لابأس من الإعادة ففي الإعادة إفادة فما نشاهده كل عام اعمال نحسد عليها من قبل الغير حتى اصبحنا رموز صناعة الكوميديا باقتدار فلقد احسن صناعها كتابة نصوصها واجتهدوا فيها وربما استغرق كتابة النص الواحد منها اكثر من عام او عامين وربما يشترك فريق من نخبة الكتاب لإعداد النص وبعدها ولاشك تبدأ ورش توظيف الممثلين فهم لايسندون الأدوار إلا لمن يجيدها ولا يعتمدون على النجم الأوحد فهذا الكلام مرفوض في عالم الكوميديا انهم يفصلون الأدوار تفصيلا كما وانهم يمنعون التهريج بشتى أنواعه فهم على ثقافة عالية تعرف جيدا الفرق بين الكوميديا والتهريج فالتهريج يكون لأشخاص يقولون مايشاؤون بنص أو بغير نص وعلى الفرد منهم ان يجيد التنطط وان يستخدم حركات (بلهاء وهبلاء) كأن يقلع أسنانه وربما يستغنى عن إحدى عينيه وان يكون بدينا أهبلا رث الملابس فهذا هو مفهوم الكوميديا لدى المهرجون أما صناع الكوميديا لدينا فبعيدون عن هذا التسطيح لعقل المشاهد انهم يحترمونه بما يقدمونه ورغم كمية الضحك الهائلة إلا ان المشاهد يستمتع بما يراه فالعملية ليست إضحكاكا وانما فكرة وهدف وهذا يتم عبر استخدام الأسلوب الساخر في طرح قضايانا والتي تستدعي المبالغة في الوصف كحق للكوميديا وهو مالا يغيب عن عقل المشاهد ولهذا فجهد صناع الكوميديا السعودية يتواصل فبعد لجان اختيار الطاقم الإخراجي والواعي للنص الكوميدي يبدأون في توظيف الممثلين كما تم رسم شخصياتهم في النص ويتم البدء بأختيار مواقع التصوير والتي يراعى أن تكون مناسبة للأحداث والتي تتناسب مع العصر الذي تدور فيه الأحداث بحيث يتم اختيار مواقع التصوير بعناية وهذا ما لايتمكن منه المهرجون لأنهم يصورون دوما في بيئة واحدة بيوت كانت قديمة وتحولت الى سكن عمال وشوارع نصف نظيفة وعليهم ان يزيدوها قذارة حتى تعكس حال الوطن الذي تدور فيه الأحداث ففي وجهة نظرهم عيب أن يرى المشاهد بيوتنا الجميلة وشوارعنا النظيفة وبناياتنا الراقية ومكاتبنا الفخمة لأنها ضد الكوميديا، فالكوميديا في نظر المهرج كل شيىء قذر (أهبل)، (ماعلينا منهم دعونا في صناع الكوميديا السعودية) الذين يواصلون العطاء فبعد اختيار المواقع المناسبة يبدأون التصوير ويجتمعون في فترات مبرمجة لتقييم ماتم تصويره ليتعرفوا هل هم على الطريق السليم أم عليهم تصحيح المسار وعندما ينتهون من التصوير والمونتاج واختيار أفضل المؤثرات (لأنها جزء مهم من ترجمة الكوميديا) يقومون بدعوة نخبة من النقاد ليعرضون عليهم ما أنتجوه وليسمعوا مرئياتهم ويأخذون بها علما بأنهم قد أخذوا مرئياتهم في النص مسبقا وفي ترشيحاتهم فهم يؤمنون بأنهم شركاؤهم في النجاح وعندها يقدمون أعمالهم للمحطة التي وثقت بهم وينتظرون منها أن تقيم جودة ما أنتجوه وأن تعرضه (يكتشفون ان ماقيل مجرد حلم لم يتحقق) فالواقع يقول ان زملاءهم في الإنتاج التهريجي احتلوا الشاشات وتصدرت أعمالهم القنوات وكرد جميل لهم حصلوا على وعود بمواصلة إنتاجهم التهريجي للأعوام القادمة عبر المزيد من الأجزاء ولهذا (وضعوا رجل على رجل) وتشرطوا ورفعوا الأسعار وتمت الموافقة وبصمت العقود وابتلى المشاهد في العام التالي بنفس الغثاء والبلاء ولهذا نتسائل نحن العقلاء ألا يمكن لهذه القنوات ان تتنازل عن كرمها السنوي وتوقف هذا الهدر وان تضع قواعد للإنتاج الصحيح لإنتاج أعمال ترتقي بعقل المشاهد؟
حضرات المدراء المحترمين نرجوكم أوقفوا تبصيم العقود لأعمال التهريج ووقعوا مع من يقدم رؤية متكاملة تحولونها بعد ان يكتمل العمل بالخطوات التي ذكرتها إلى عقد للشراء فواثق الخطوة يمشى ملكا أما المهرج فلا يستطيع أن يتحرك من مكانه إذا لم يمتع ناظريه ببصمة سيدي المسؤول أما ان بقي الحال كما هو عليه فسنستمر في الانفراد بتقديم هذا الغثاء تحت مسمى الكوميديا السعودية وستبقى النتيجه كماهي عليه كل عام .. ( لن ينجح أحد) .
بقلم : ماضي الماضي | صحيفة الرياض السعودية الإلكترونية