أكد فنانون قطريون على أهمية العودة بالدراما القطرية لأيام رفعتها وازدهارها من خلال إطلاق مشروع فني درامي متكامل تتضافر في إنجاحه مختلف الجهات العاملة بالمجال الفني سواء تليفزيون قطر أو شركات الإنتاج، مشيرن في الوقت نفسه إلى تحميل المسؤولية على تليفزيون قطر بالمقام الأول لكونه الشاشة المحلية التي تتبنى كل المبادرات البنّاءة، وفي هذا الصدد أكد الفنان صلاح الملا على أمله بأن تتحرّك عجلة الدراما القطرية من خلال تليفزيون قطر، وأضاف: إذا كان القائمون على تليفزيون قطر لديهم تفكير معين فيما يخص الدراما القطرية أو توجهات معينة فأرجو أن نتشارك في هذا التفكير، حيث يرى الملا أنه ليس الأهمية في أن نطلق عملاً أو عملين أو ثلاثة في السنة، بل أن يكون لدينا مشروع فني متكامل، بحيث نبدأ من جديد من حيث انتهى الآخرون لا أن نكون استمرارًا أو تواجدًا دراميًا فقط.
وأوضح الملا فكرته بقوله: إن عملية التواجد الدرامي على الساحة الفنية الفضائية أمر سهل وبسيط لا يحتاج سوى ثلاثة أشهر لإنتاج مسلسل يلحق بركب رمضان المقبل، ولكن ما نحتاجه في الدراما المحلية هو وجود مشروع درامي متكامل لتغيير خريطة العمل الدرامي ككل ليس في قطر فحسب بل في منطقة الخليج العربي، وذلك لأن العمل الدرامي الخليجي والعربي عمومًا وقف عن نقطة معينة ولم يتحرّك إلى الأمام، بل باتت تدور في دائرة واحدة من القضايا الاجتماعية أو العاطفية المكررة، ولذلك أتمنى من تليفزيون قطر بأن يكون هناك تفكير لتغيير هذه النمطية في الدراما الخليجية والعربية عمومًا انطلاقًا من الدراما القطرية، والخروج من هذه الدائرة إلى أشكال ومضامين درامية مختلفة اختلافًا كليًا، والاستفادة بهذا المجال من التطورات الحاصلة في العمل التليفزيوني من تقنيات عالية المستوى وفنيات سينمائية، خاصة أن قطر باتت اليوم رائدة في مختلف المجالات، فلماذا لا نفعل ذلك في الفن أيضًا.
وأضاف الملا: نحن كفنانين نقف معهم في هذا الجانب، وكذلك الجماهير التي باتت ترى هذا التكرار في شكل ومضمون الأعمال الدرامية وتتذمّر منه، ولذلك نتمنى تبني مشروع كهذا يهدف إلى تطوير شكل الدراما في منطقة الخليج شكلاً ومضموناً لا أن ننتج أعمالاً لمجر تعبئة فراغ البث التليفزيوني.
وحول الأسباب الكامنة وراء غياب الدراما القطرية قال الملا: في الحقيقة لا أعرف السبب الحقيقي، خاصة في ظل وجود النص القطري الذي بات مطلوبًا خارج حدود قطر، وكذلك بات الفنانون القطريون يتصدّرون الأعمال الخليجية ومطلوبين في أعمالها، وأيضًا لدينا شركات إنتاج مميزة قدّمت العديد من الأعمال المهمة، إذًا.. ما المشكلة لا أعرف، ولكن ما أراه أن يتم إعطاء هذه الشركات فرصة العمل الجيد، وعلى سبيل المثال حبذا لو يكون هناك خطة لعشر سنوات يتم خلالها إعطاء الفرص الدرامية لشركات إنتاج محلية، وتشجيع التنافس بينها على تقديم الأفضل مع وجود عين مراقبة من قبل مؤسسات لها علاقة بالدراما تستطيع أن تفرق بين الغث والسمين، ومن ثم نحاسبهم كل سنتين ومن يحقق نجاحًا نتميز به ومن لا يحقق نستعين بغيره وهكذا سيكون لدينا خلال فترة قصيرة مجموعة من شركات الإنتاج الدرامي التليفزيوني الرائدة في عملها.
وتابع الملا قائلاً: إن لجنة تطوير العمل التليفزيوني حينما أرادت النهوض بالشاشة المحلية استطاعت وحققت نجاحًا من خلال إبرازها شاشة جميلة وبرامج مميزة مع التركيز على الهوية القطرية والكوادر القطرية الشابة، ما يعني أنهم حصدوا ثمار عملهم، وهذا شيء جميل، لكن الجانب الدرامي الذي هو روح العمل التليفزيوني متوقف، ولابد أن يتم العمل عليه كما تم العمل على الشاشة التليفزيونية القطرية.
ومن جانبه طالب الفنان فالح فايز بإعطاء تليفزيون قطر فرصته، خاصة أنه لا يزال هناك ما يقارب الخمسة أشهر على رمضان المقبل، ما يعني أن الوقت كاف لإطلاق أعمال تليفزيونية قطرية، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن التليفزيون بحلته الجديدة احتاج لسنتين من التحضير، والعملية الدرامية تحتاج لمزيد من الوقت .
وأضاف فالح بخصوص الحل لإشكالية غياب الدراما القطرية بأن الأرضية لهذه الدراما موجودة من خلال كوادرها من فنانين وفنيين وإمكانات تقنية وفنية ومادية، وما نحتاج إليه فقط أن يكون لدينا كم من المسلسلات التي يستطيع الفنانون القطريون المشاركة فيها .
وتابع قائلاً: أعتقد أن الحل يكمن في عودة تليفزيون قطر إلى إنتاج الأعمال الدرامية بنفسه، خاصة أن الازدهار الدرامي القطري كان في فترة إنتاج التليفزيون القطري لأعماله، وهو يمتلك كل المقومات الفنية لأن يكون رائدًا في هذا الأمر، وهذا كان قبل 12 عامًا وفكرة المنتج المنفذ، أما إن كان الإصرار على المنتج المنفذ فحبذا لو يتم الاشتراط عليهم بمشاركة جميع الفنانين القطريين في أعمالهم، وأيضًا الإكثار من المنتجين لإتاحة الفرصة أمام الجميع بالعمل، إذ لربما لا يصلح هذا الفنان مع هذا الدور ضمن مسلسل هذا المنتج وبالتالي يكون له دور في مسلسل آخر مع منتج آخر، وهكذا تدور عجلة الإنتاج الدرامي القطري، والجميع يعمل في سبيل نهضتها.
ومن جهته طالب الفنان عبد الله غيفان إدارة التلفزيون الجديدة بضرورة تبني خطة طويلة الأمد تقوم من خلالها بالنهوض بالدراما القطرية حتى تأخذ مكانها الطبيعي على المستوى الخليجي والعربي، مشيرًا إلى أن الدراما القطرية في الثمانينيات حققت نجاحًا كبيرًا وبرزت أسماء عدة من الفنانين القطريين، بعكس ما هو سائد الآن، حيث كانت الدراما القطرية في تلك الفترة تنافس بقوة على المستوى الخليجي ومطلوبة من قبل المشاهد .
وقال: على التلفزيون التوجه إلى الفنانين والكتّاب القطريين والاستفادة من خبراتهم، خاصة تلك الأسماء الكبيرة التي أسست الدراما والتلفزيون القطري، مطالبًا في الوقت نفسه بالتعاون بين التلفزيون ومؤسسة الدوحة للسينما.
وقال غيفان: إن الدراما القطرية حالة شاذة في الدارما الخليجية، مشيرًا إلى أن الدراما تحتاج إلى الرعاية والدعم والتوجه الصحيح والتلفزيون قادر على لعب هذا الدور لتقديم دراما قطرية تليق بسمعتها وتجذب المشاهد إليها، وإن تطرح الأعمال القطرية قضايا هادفة تفيد المجتمع والمشاهد بعيدًا عن الإسفاف الذي نراه في بعض الأعمال التي تستهدف الربحية فقط، وتابع لدينا عدد كبير من الفنانين القطريين، معظمهم غائب عن الساحة والموجود يعمل في دول الجوار، مطالبًا التلفزيون بالتوجه لهؤلاء والعمل معهم على خطة مستقبلية تسهم في تحقيق نقلة نوعية في الدراما القطرية.
أما الناقد الفني د. حسن رشيد فأكد أن هذا الغياب للدراما القطرية يمتد لفترة طويلة، مشيرًا إلى أن الاعتماد في السنوات الماضية كان على الأفراد عبر شركة يديرها عبدالرحمن السليطي وعبر الإنتاج الخاص للفنان عبدالعزيز جاسم أو الإنتاج الخاص بالفنان غانم السليطي، وقد حقق هؤلاء وغيرهم إنجازات درامية وفنيّة تحسب لصالح الدراما القطرية، ولكن أثر ظهور العديد من شركات الإنتاج في دول المنطقة ثم الاعتماد على المنتج المنفذ في تقديم أعمال كبيرة من خارج الحدود باسم قطر، فأعتقد أنها لم تخدم الفنان القطري سواء أكان كاتبًا أو مخرجًا أو ممثلاً، بل سعت إلى هروبه ونجاحه خارج حدود بلده وهناك أمثلة كثيرة تبدأ بالفنان المبدع غازي حسين، مرورًا بالفنان صلاح الملا وعبدالعزيز الجاسم وعبدالله عبدالعزيز، ما يعني أن الساحة الفنية مليئة بنماذج مشرّفة لممثلين قطريين حققوا نجاحات باهرة خارج الحدود .
وأضاف د. حسن: أتمنى حلاً لهذا الإشكالية بوجود جهة أو جهاز ما في التليفزيون تقوم بمهمة تطوير الدراما القطرية من خلال قراءة النصوص المقدمة وتساهم في بلورة المميز منها لا أن يكون الاعتماد على الاستيراد الذي ساهم بشكل كبير في تهميش كثير من عناصر الدراما القطرية التي لا تعتمد على الممثل والمخرج فقط بل على كوكبة من الذين يعملون في هذا الإطار، وهذا ما نبحث عنه في تليفزيون قطر بأن يقوم بإنشاء كيان مستقل بكفاءات قطرية لديها من الخبرة ما يزيد على الثلاثين عاماً وهم كثر، وتمكينهم من خطة تقضي بالمساهمة الفعلية في تطوير الدراما التليفزيونية، هذا إلى جانب تكليف جهة ما لتسويق الأعمال القطرية للخارج سواء بطريقة منفردة أو عبر الشراكة مع جهات أخرى كما حصل مع مسلسل “الفاروق” وحقق نجاحًا كبيرًا.
وهكذا يختم د. حسن حديثه بضرورة وجود مشروع متكامل لدعم الفن القطري من خلال جهة تهتم بخدمة الدراما المحلية، وأن يكون هناك دعم لتضافر جهود كل العاملين بمجال الدراما القطرية وليس رمي المسؤولية على جهة واحدة دون أخرى.
ومن الفنانين الشباب أكد الفنان يوسف خليل أن هذه الإشكالية من الصعب الإجابة على كل مفاصلها لتعقيداتها المختلفة سواء الفنية أو المالية، إلا أنه أعرب عن استيائه الشديد من عدم وجود أعمال درامية محلية خلال العامين الماضين، خاصة الأعمال التي تحمل مشاكلنا وقضايانا الاجتماعية .
وأضاف أن المحيّر في الأمر أن كل شيء متوفر لقيام نهضة فنيّة عالية المستوى في قطر، ولكن لا أعرف المشكلة أين، فشركات الإنتاج الفني موجودة، ولدينا دعم ونمتلك كوادر بشرية وفنيّة مؤهلة لقيادة عملية تطويرية للدراما المحلية بأرقى السبل لكن لا تزال الدراما المحلية “مكانك سر”.
وحول الحل من وجهة نظره قال يوسف: أعتقد أن تليفزيون قطر عادة ما يتحمّل مسؤولية الإنتاج الدرامي وهذا أمر طيب ولكن أين تليفزيون الريان وهو تليفزيون محلي، ولديه مساحة من البث اليومي للدراما المحلية ولكنه يملؤها بأعمال قديمة رغم جماليتها واحترامنا لها، لكن أليس من الممكن أن يقدّم أعمالاً جديدة تضاف لرصيد هذه الأعمال المميزة.
وتابع قائلاً: بطبيعة الحال لا يهم نوعية الإنتاج سواء أكان تاريخيًا أم معاصرًا أو اجتماعيًا أو تراثيًا فالمهم أن يكون هناك إنتاج درامي محلي يلبي حاجة المشاهد المحلي، وليكن مثلاً إنتاج 3 أعمال منها لنجومنا أمثال غانم السليطي وعبدالعزيز الجاسم، ومنها ما يكون مخصصًا للفنانين الشباب، ولا أعتقد أن فنانينا الكبار سيرفضون المشاركة في هذا العمل الشبابي دعمًا لنا .
وختم يوسف قائلاً: أعتقد أن الفن القطري هو المظلوم وليس الفنان الذي يستطيع العيش، ولذلك لابد من تضافر جهود الجميع سواء تليفزيون قطر أو الريان أو شركات الإنتاج وحتى تضافر جهود الفنانين أنفسهم للنهوض بالحركة الدرامية القطرية ولرفعة الفن القطري .
صحيفة الراية القطرية الإلكترونية