شهدت الدراما الخليجية خلال العام 2013 موسماً حافلا بأحداث لم تكن متوقعة، فكان أبرزها تراجع انتشارها وانخفاض عدد المسلسلات وتراجع النجوم إلى الصف الثاني وسيطرة النجوم الشباب، إلى جانب المبالغات الكبيرة في أجور الفنانين الجدد وانتشار ما يعرف بالدراما النسائية.
ففي الكويت انطلق الموسم الدرامي للعام 2013 بمسلسل «غريب الدار» للفنانة سعاد عبد الله الذي شاركتها فيه مجموعة من الفنانين وقد استبشر الفنانون والمتابعون خيراً بأن الموسم بدأ مبكراً، لكن الأمور تعثرت كثيراً من جهات عدة، أهمها لجنة إجازة النصوص التي تسببت في زيادة العبء على المنتجين، فكان هناك تشديد بشكل مبالغ فيه إلى درجة أن المسلسل قد يرفض لمجرد وجود مشهد يظهر فيه هاتف نقال مع سجين، وهو الأمر الذي جعل العديد من المنتجين يذهبون خارج الكويت لتصوير أعمالهم وهجرة كبيرة للفنانين خارج الكويت للبحث عن عمل.
ارتباك
في بداية الموسم ازداد الارتباك واختلفت الحسابات لدى المنتجين والفنانين والعاملين في هذا القطاع من فنيين وغيرهم، فغالبية القنوات الفضائية الخليجية تأخرت في اتخاذ قرارات بشأن الإنتاج الدرامي أو حتى الشراء، كما أن الأحداث الإقليمية والعربية لعبت دوراً مهما في هذا الاتجاه، خصوصاً في سورية ومصر، ما جعل العديد من الشركات التجارية تبتعد عن رعاية أي أعمال درامية. كما أن تراجع عدد المنتجين واقتصار الإنتاج في أشخاص بعينهم ساهم في عدم وجود أعمال لدى الفنانين، والدليل غياب عدد منهم، مثل داوود حسين ومحمد العجيمي الذي لم يقدم سوى مسلسل «البيت السعيد» الذي أنتجه.
كل ذلك كان كفيلاً بأن يقلل من عدد الأعمال الدرامية التي تم إنتاجها في العام 2013.
انفراج
إلا أن الساحة الفنية انتعشت من جديد وعادت إليها الأضواء بعد إعلان المنتج عامر صباح عن إنتاج مسلسل «توالي الليل»، وهو من الأعمال التي حققت صدى متميزاً وكان من أفضل الأعمال الدرامية الخليجية التي شهدت تطوراً كبيراً، ليس على مستوى القصة والتأليف والأداء التمثيلي فحسب، بل على مستوى الصورة والإخراج، فهو يعد نقلة جديدة في مسيرة المخرج علي العلي وبقية المشاركين، وهو من تأليف جاسم الجطيلي وتدور أحداثه في بداية التسعينات من القرن الماضي ويحمل خطوطاً درامية متشابكة ومثيرة، كما يعد إطلالة مختلفة تماماً لسعد الفرج وحمد العماني وبقية المشاركين أسمهان توفيق، هبة الدري، صمود، نور، إبراهيم الحساوي، عبد الله الطراروة، عبير الجندي وغيرهم.
المفاجأة الأخرى التي أعلنها عامر صباح خلال الموسم المنتهي كانت «ضربة معلم» حين جمع الفنانتين حياة الفهد وسعاد عبد الله معاً. وبالرغم من أن هذا العمل واجهته بعض العثرات في بداية تنفيذه حين تعرّض المخرج السعودي عبد الخالق الغانم لحادث وأجرى جراحة في يده وكان شجاعاً في اتخاذه قراراً بالاعتذار، وكذلك تعرّض العمل أثناء عرضه للعديد من الانتقادات إلا أنه حمل شجاعة ومغامرة كبيرتين من قبل الفنانتين. فبالرغم من تاريخهما الحافل بالأعمال وقوتهما في الساحة الفنية، إلا أنهما اجتمعتا معاً من دون تردد أو أنانية لأنهما تدركان أن العمل الفني يبقى في النهاية وله أدواته ويقبل النقد مهما حمل من ثراء فني وأن الرأي والرأي الآخر في تناول أي عمل فني هو فعل محمود، خصوصاً إذا كانت العناصر المشاركة في صناعته لديها الكثير من الخبرة مثل الكاتبة وداد الكواري التي كتبت القصة والسيناريو أو المخرج غافل فاضل الذي يعد من أهم المخرجين في الساحة الخليجية، وبطولة، إبراهيم الصلال، محمد جابر، فخرية خميس، صلاح الملا، مشاري البلام، خالد البريكي، يوسف الحشاش، شيماء علي، بثينة الرئيسي، ملاك، شوق، غرور، سالي القاضي، يوسف محمد، يعقوب عبدالله، مرام، حسين المهدي، نواف نجم.
بعد ذلك بدأ الحديث عن عمل جديد وهو مسلسل»جار القمر» الذي تدور أحداثه بين مجموعة من الجيران ويناقش قضايا إجتماعية مهمة من بينها كيد النساء ونظرة المجتمع لذوي الاحتياجات الخاصة ومشاكل المرأة العربية المتزوجة من خليجي، وبعض العادات والتقاليد وغيرها من القضايا، وهو من تأليف علي الدوحان وإخراج سائد الهواري وبطولة زهرة عرفات، إلهام الفضالة، إبراهيم الزدجالي، يعقوب عبد الله، جواهر، ليلى عبدالله، لطيفة المجرن، شيلاء سبت.
«قرمش»
تعاني الكوميديا في الخليج الكثير من المشاكل، خصوصاً في وجود نص جيد وعملية التسويق بشكل كبير ولا يتم الإقبال عليها إلا في رمضان فقط ومن خلال نوعية معينة من الأعمال يقدمها فنانون معروفون بانتمائهم إلى مدرسة الكوميديا. وكان الفنان طارق العلي قدم مسلسل «قرمش» الذي يدور في إطار حلقات منفصلة متصلة ويقدم في كل حلقة وجبة دسمة من الكوميديا واستطاع أن يلفت الأنظار ويحقق متابعة جماهيرية كبيرة، وهو من إخراج نعمان حسين وبطولة طارق العلي، هيا الشعيبي، أحمد الفرج، سلطان الفرج وغيرهم.
تلفزيون الكويت
من تابع تلفزيون الكويت خلال الأعوام الثلاثة الماضية، يجد أنه قد اتجه بشكل كبير إلى شراء الأعمال الدرامية الجاهزة ولم يغامر كثيراً في قضية الإنتاج بطريقة المنتج المنفذ، وفي العام المنتهي كانت هناك بعض الأعمال لكن هذا الأمر أثار غضب وحفيظة العديد من المنتجين التقليديين الذين يتعاملون مع التلفزيون في كل عام وبينهم فنانون ونجوم كبار، واتهم بعضهم التلفزيون بأنه لا يعلن عن استراتيجية واضحة للخريطة الدرامية السنوية، لكنه قدم مجموعة من الأعمال أعلن عنها قبيل شهر رمضان بساعات منها «الملافع»، «ذيب السرايا» و«عطر الجنة».
وكانت المفاجأة دخول تلفزيون الكويت في شراكة مع قناة «mbc» في إنتاج مسلسل «أبو الملايين» للفنانين عبد الحسين عبد الرضا وناصر القصبي، وهو من تأليف خلف الحربي وإخراج محمد دحام الشمري وحقق مستوى جيدا من المشاهدة نظرا لغياب عبد الحسين لأكثر من عامين عن الشاشة.
الدراما السعودية
حققت الدراما السعودية طفرة كبيرة في الإنتاج الدرامي بعد النجاح الذي حققه مسلسل «طاش ما طاش» خلال السنوات الماضية، وقد خرج من عباءته العديد من النجوم والمنتجين بينهم فهد الحيان ومحمد عيسى وفايز المالكي الذي قدم مسلسل «سكتم بكتم» من بطولته وإنتاجه وقدم فهد الحيان مسلسل «هتشقة»، وهناك الكثير من الأعمال الكوميدية منها «شباب البومب»، «صح عليك»، «أنت طالق»،أهل البلد» وغيرها ومعظم هذه الأعمال التي دعمها إنتاجياً التلفزيون السعودي وقام بعرضها أيضاً.
الإمارات
كانت الدراما في الإمارات خلال العام 2013 محدودة ولم تكن هناك مفاجآت سوى في رمضان، وعرض تلفزيون دبي عدداً من الأعمال بينها «سوق الحريم»، «ماي عيني»، «سر الهوى»، «مطلقات صغيرات» بينما قدم تلفزيون ابو ظبي على قنواته مجموعة أكبر منها مسلسل «زمن لول» للكاتب الإماراتي جمال سالم وبطولة غانم السليطي وسميرة أحمد ونورة البلوشي، ومسلسل «يا مالكاً قلبي» وهو المسلسل التي ظهرت فيه المطربة العراقية شذى حسون مع المطرب الصاعد فايز السعيد في أول تجربة درامية لهما ومن إخراج عارف الطويل، ومسلسل «بركان ناعم» بطولة محمد المنصور وحسين المنصور والهام الفضالة ومحمود بوشهري وهيا عبدالسلام، ومسلسل «لولو ومرجان»، و«لن أطلب الطلاق»… وغيرها.
قطر والبحرين
تراجع حماس التلفزيون القطري في عملية الإنتاج، ومنذ ثلاث سنوات اكتفى بشراء الأعمال لعرضها فقط، كما ان مستقبل صناعة الدراما في البحرين تراجع عما كانت عليه منذ أربع سنوات رغم وجود فنانين ومخرجين لكن عدم وجود شركات انتاج هناك قادرة على ضخ أموال كبيرة في عملية الإنتاج وراء هذا التراجع.
تبقى هناك علامات مهمة تركها العام 2013 في صناعة الدراما الخليجية أهمها أنه كشف عن هشاشة النجوم الشباب وأن الرهان عليهم في معظم الأعمال هو بمثابة انتحار لهذه الصناعة، ولذلك اهتمت القنوات في اللحظات الأخيرة في وجود عدد كبير من النجوم المعروفين، وشهد الموسم عودة مهمة لنجوم الدراما. كذلك تسبب العام المنتهي في خروج العديد من المنتجين من الساحة لأن هذا الشح في الإنتاج لم يجعل هؤلاء يصمدون.
أخيرا نأمل ان يشهد العام 2014 ازدهاراً لهذه الصناعة من أجل ان تعود الى توهجها من جديد وتستعيد انتشارها في المحيط الخليجي والعربي، كما نأمل ان يتبنى تلفزيون الكويت المزيد من الأعمال لأنه كان السبب الرئيسي في انتشار هذه الدراما وتصدرها المشهد إلى جانب الدراما السورية والمصرية خلال السنوات الماضية .
صحيفة الراي الكويتية الإلكترونية