في خطوة مفاجئة قد تعيد رسم الخريطة الاعلامية المصرية، تم توقيع بروتوكول للتعاون بين التليفزيون الحكومي المصري، ومجموعة قنوات ‘MBC’ السعودية، ومثّل ‘اتحاد الإذاعة والتلفزيون’ المصري عصام الأمير، رئيس الاتحاد، وعن ‘مجموعة MBC’ علي الحديثي، المشرف العام على المجموعة. كما حضر مراسم توقيع بروتوكول التعاون، إبراهيم العراقي، وكيل أول وزارة الإعلام، ومحمد عبدالمتعال مدير عام قناة ‘MBC مصر’ .
ويكتنف الاتفاق نوع من الغموض، حيث لم يقم التلفزيون المصري بنشر نصوصه، واكتفى بالقول على موقعه إنها ‘ستشمل العديد من الجوانب الإعلامية، منها الجانب البرامجي، وما يفتحه من باب حول تبادل بعض الــ’فورمات’ و’الصيغ’ البرامجية التي يمتلكها الطرفان من ناحية حقوق الملكية الفكرية، والاستفادة منها والبناء عليها وإنتاجها وبثها’.
واضاف ‘يتطرق التعاون إلى صناعة المسلسلات والأفلام السينمائية، وما يشمله هذا القطاع الضخم من تعاون في قطاعات فنية وتقنية، وهندسية كثيرة. وتتيح الاتفاقية تفعيل التعاون في مجال تأهيل الكوادر البشرية وتدريب وتبادل الخبرات والكفاءات’.
وحسب الموقع تتطرق الاتفاقية في جانبها التسويقي إلى التعاون والتنسيق بين الطرفين في بعض مجالات التسويق الإعلامي والإعلاني المسموع والمرئي، فيما يتسع إطار التعاون ليشمل الإعلام الجديد بمنصاته الإلكترونية، حيث يفسح المجال أمام كل طرف لتقديم المساعدة الفنية للطرف الآخر في تأسيس وإنشاء وإطلاق المواقع الإلكترونية وتدعيمها وتحديثها.
وجاءت الاتفاقية بعد ايام قليلة من تصريحات للمرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسي اعلن فيها ان استمرار الوضع الحالي في التلفزيون المصري غير ممكن، حيث ان رواتب العاملين فيه تكلف الدولة مائتي مليون جنيه شهريا، مشيرا الى ضرورة تطبيق اصلاحات تحافظ على حقوق العاملين فيه.
واجتاحت الوسط الاعلامي المصري حالة من السخط والاستياء وخاصة القنوات الخاصة خشية فقدان ‘جزء كبير من كعكة الاعلانات’. وحسب مصادر متطابقة فان الاتفاق يمنح الوكيل الإعلاني اللبناني بيير شويري والوسيط قناة MBC حقوقا واسعة في ما يتعلق بالبرامج والمسلسلات وحق الانتفاع الكامل بالمكتبة الغنية للتلفزيون المصري، وتأمين نصيب محدد للتلفزيون المصري من كعكة الاعلانات المحلي والخليجية بشكل عام يمكنه من تقليل خسائره.
ويؤكد خبراء أن الاتفاق يسمح للسعودية بالهيمنة على برامج التلفزيون، بما في ذلك اختيار المواد والمذيعين والضيوف، بالاضافة الى الاستحواذ على الارشيف الغني للتلفزيون الاعرق في الشرق الاوسط من أجل ‘حفنة دولارات’.
وتقدم الدكتور سمير صبري المحامي، بدعوى مستعجلة، أمام محكمة القضاء الادارى بمجلس الدولة ضد وزيرة الاعلام درية شرف الدين، قال فيه ‘إن الوزيرة سمحت للمرة الأولى بدخول رجل أعمال أجنبي مبنى ماسبيرو، مشيرا أنها بذلك تدمر سياسات الإعلام في مصر، مضيفاً أنها أحد أهم العقبات الأساسية ضد إعلام وطني حقيقي يبني دولة متماسكة بعد ثورة عظيمة، كما أنها تعمل في مسار إعلامي بعيد تماماً عن المسار الوطني، متعجبا من رفض الوزيرة للتعاون مع الإعلام المصري وتقبل التعاون مع الإعلام الأجنبي.
وكشفت الدعوى أن الوز يرة أبرمت هذا التعاقد بطريقة ملفتة بجعلهاmbc كوسيط في الشراكة لتزيد من شوكة الوكيل اللبناني في مواجهة مثيله المصري .
وقد ظهرت الوزيرة وهي تقف إلى جوار محمد عبد المتعال مدير قناة MBC مصر في حفل توقيع بروتوكول التعاون بين التلفزيون المصرى وقناة MBC مصر، التي يمتلكها رجل الأعمال السعودي وليد الإبراهيمي، مما اعتبره البعض إهانة بالغة لمنصب رفيع المستوى في حجم ومكانة وزارة الإعلام المصري، وقد كتب البعض موجها إليها تساؤلا، بأن هذه القناة كان الأجدى والأجدر بها أن تنهض بالتلفزيون السعودي الذي أصيب بشبه انهيار تام بسبب آلاعيب شركة ‘ابسوس′، التي تقوم بتحديد نسب المشاهدة للقنوات الفضائية، وهي التي تعتمد عليها الوكالات الاعلانية في توزيع الاعلانات وتحديد أسعار الدقيقة الواحدة.
ودشن مجموعة من الإعلاميين العاملين في القنوات الخاصة، ‘هاشتاج’ حمل عنوان ‘نطالب بإيقاف اتفاقية ماسبيرو مع mbc’، لمطالبة الوزيرة بوقف هذا البروتوكول المخالف للقانون، كما أعتبروا أن تعاقد الوزيرة مع قناة mbc سيعطي شركة إعلانات لبنانية السيطرة على سياسات وتوجهات ‘ماسبيرو’، وأنها ستعطي الشركة اللبنانية الضوء الأخضر لقناة mbcمصر للعبث بتاريخ التلفزيون المصري وتراثه.
واعتبرت تعليقات على الفيسبوك ‘أن الدكتورة درية شرف الدين ليس لديها ما تفعله سوى التقاط الصور التذكارية. وطالبوا رئيس الحكومة ابراهيم محلب التدخل والغاء الاتفاق واقالة شرف الدين’. الا أن معلقين اخرين رأوا جانبا ايجابيا في الاتفاق ‘يلا بقى.. الوكيل اللبناني هيغرق التلفزيون بـ’المزز′ (النساء الجميلات) وهتبقى هيصة’.
ووجه الدكتور صفوت العالم أستاذ الاعلام في جامعة القاهرة سؤالا لوزيرة الإعلام قائلا ‘لماذا هذا البروتوكول في هذا التوقيت، فإذا كانت الوزيرة تبقى لها عدة أسابيع والدستور يلزمها بالسير فى إجراءات تحويل الوزارة لمجلس وطني للإعلام، وحتى الآن لم تقم إلا بميثاق شرف إعلامي ترفضه الفضائيات’، مضيفاً بأي حق تلزم الوزيرة مؤسسة اتحاد الإذاعة والتلفزيون بهذه الاتفاقية، ونحن في مرحلة انتقالية، وهل تمهد الوزيرة لصفة شخصية لمصلحتها عندما ترحل من منصبها؟ !
موقع القدس العربي الإلكتروني